استيقظ العريفة على صباح خريفي قاسٍ، اخترج إبريقه من تحت السرير، وصب من القربة ما يكفي لتجديد الوضوء. تيمم القبلة بركعتين، في حين ما زالت زوجته تغط في نوم عميق، تناول الغترة والعقال، وفتح السحارية فانتبهت، قالت: وش تقربع له في هذي الغبشة؟ لم يردّ عليها، وضع في كمره خمسة ريالات، ونزل إلى سفل الحمارة. وضع الخرج على ظهرها. اقتادها حتى اقترب من جدار المسجد، اعتلى حجارة الجدار ليتمكن من الركوب، دلدل أرجوله، ثم دحسها بكعب يسراه وكأنه لم يدحسها إذ بلغت من الكبر عتيا، تمتم «والله يا حظي أنه مثل حظ أبو زيد في الحمير». انتظم عقد الحمير في طريقها إلى سوق الخميس، بعضها له قلاقل ينبعث منها صوت مغري بالسرعة، ربط الهباطة حميرهم تحت شبارقة كبيرة، ودخل كل منهم السوق من اتجاه، اللي وده باللحمة، واللي يدور موز ذي عين، واللي معه أمحاش يبغي يحدّها عشان يصرم بها العقش، فيما انشغل العريفة بتفقد الحمير، إذ نوى أن يتخلص من الحمارة، ويشوف له واحدة تليق به في مهباطه ومصداره. شافه دلال الحمير، فنغزه من وراه. كاد يصفعه مستنكراً ما قام به من نغز. قال «يا رجال أمزح معك، والله من يوم شفتوك مقبل على السوق على تيه الحمارة الميتة لعرفتك أنك بتدوّر على غيرها. ومطلوبك عندي. سأله: وين هي؟ أخذه بيده. وأشار إلى سيدة تبيع الغراز. قال: الله يصع عليك يا دلال الحمير، أبغي حمارة وتشاور لي على حرمة. تجاهل كلامه، وسحبه، حتى اقتربا من السيدة، صبّح الدلال عليها، وخفتها في أذنها، فنظرت إلى العريفة. قالت: ما بيشتري حمارة ميتم. يبغي حمارة شيخ قبيلة. طلّق بالثلاثة ليشتريها لو كان يخسر ما قدامه وما وراه. قال للدلال صرّف حمارتي عشان نوفي الآدمية حقها. امتطى العريفة صهوة المشدود، وخلفه وأمامه عشرات من العائدين إلى منازلهم، في منبسط من الأرض طاب السير للحمير، وأسرعت، وتركت العريفة وحمارته الجديدة في المؤخرة، تلثم بغترته وقال «إذا تنافست الحمير فيا حظّ الركابة». علمي وسلامتكم.