لم يكن العيد هذا العام كغيره من الأعياد بالنسبة لي، بعد أن فاجأني صديق لي بصورة لنقش نقشته باسمي في أحد أيام عام 1395ه في صَفَا أصمّ يقبع في رأس جبل في أعالي السراة اسمه (أمهات رياح)، حين كنت طفلاً صغيراً أرعى غنمي في جنباته، قبل أن تأخذني الأيام في رحلة طويلة جبت فيها مشارق الأرض ومغاربها في رحلات عمل، لأعود اليوم إلى نقشي أتلمس الفرق بين ذلك التاريخ وبين اليوم، فجادت قريحتي بهذه القصيدة: أعلى السراةِ وفي نقشٍ على حَجَرِ ألفيتُ كُلّ سنيني في ربى قدري ربّاه كيف انطوت هذي السنونُ ولمْ أُحْصِ المواقفَ والأحداثَ في عُمُرِي بدأت من هاهنا في رعي ماشيتي بين الجبال سقاها الله بالمَطَرِ مكسوة بجمال الكون ليس لها من النظائر ما يرضى به بصري تدثرت بلباس الحسن مزهرة خضراء بالعشب يكسوها وبالشجرِ وماؤها العذب رقراقٌ نُسَرُّ به والطير يشدو على الأغصان في خَفَرِ نقشت من أحرف اسمي في شواهقها ذكرى تخلّد عمر النور من خبري مرت سنيني كأنّ الموجَ يجرفني مليئةً بمَسَرّاتٍ وبالكدرِ طُفتُ المدائنَ من شامٍ إلى يَمَنِ وطفت غربَ وشرقَ الأرضِ في سفري شاهدت قادة أقوام لهم ثقلٌ بين الشعوب، وأصنافاً من البشر واجهت في رحلاتي كلَّ معضلة ما فتّ في عضدي صعبٌ إلى كِبَري ستون تدنو وقد أمضيتها جلدا على الحياة وكم كابدت من صغري وما وجدت في الدنيا مماثلة لهذه الشمِّ يا شمسي ويا قمري وها أنا يا سَرَاتي عدت متكئا على السنين أشاهد نقشيَ الأثري وما حملت معي زاداً لآخرتي وليس في ما بقي يكفي لمنتظرِ رحماك ربّي بعبد ليس يدركه سوَاك يا ربّ أو يَهْوِي في الخَطَرِ