أسوأ البشر أولئك الذين يبيحون لأنفسهم التدخل في مشيئة الله وإرادته تجاه عباده، ويزعمون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة والأحكام القاطعة على البشر، والأسوأ من ذلك عندما يكون مثل هذا النموذج قاصراً في العلم وهشاً في المعرفة ومحتقناً تجاه طائفة أو شريحة أو مذهب لأسباب شخصية ومنطلقات ذاتية عمياء وأوضار نفسية عدوانية هوجاء، أما قاع الانحطاط فهو عندما تتم هذه الممارسة القبيحة تجاه أشخاص رحلوا عن الدنيا وأصبحوا بين يدي خالقهم الرحمن الرحيم العفو الكريم. لقد ابتلينا كمجتمعات مسلمة بأمثال هؤلاء الذين يكفرون المسلم المختلف مذهبيا أو فكريا ويزدرونه حياً وميتاً، ويبثون خطاب الكراهية والتطرف والعداوة والبغضاء، إما نتيجة جهل مطبق أو توظيف خبيث لإحداث شرخ بين مكونات المجتمع كتطبيق لأدبيات حزبية تسعى لتحقيق أهداف دنيوية غير نزيهة تحت عباءة الدين الذي أساؤوا إليه قبل إساءتهم للبشر. لم يتورع هؤلاء حتى عن محاولة الحجر على الناس من الترحم على مسلم ميت يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وقد شهدنا هذا الابتلاء والبلاء سابقاً عبر بعض المنابر العنيفة، لكنه بعد انتشار وسائل التواصل أصبح مشهداً علنياً يكاد يقترب من الظاهرة، وآخر شاهد على هذا الحال ما كتبه في أحد المواقع شخص يحسب نفسه على أهل العلم الشرعي رغم خلفيته الحزبية وقلة ذخيرته العلمية وهشاشتها، حين جهر بعدم جواز الترحم على الفنان عبدالحسين عبدالرضا الذي غادر الدنيا بعد رحلة طويلة مع المرض والمعاناة، حيث وصفه بذات الأوصاف التي يستخدمها مؤسسو خطاب الفرقة والكراهية الذين سببوا لنا مشكلات كبيرة دفعنا ثمنا باهظاً بسببها. نقول ما سبق عطفاً على إحالة وزارة الإعلام لهذا «المكفّراتي» الجديد إلى لجنة مخالفة النشر بسبب مخالفته نظام المطبوعات والنشر، وهي خطوة إيجابية جيدة نتمنى أن تكون رادعة لهذا الشخص وأمثاله، وألا يتدخل في عملها أصحاب الشفاعة لأنها لجنة حكومية هدفها الحفاظ على وئام وسلام المجتمع وحمايته من الجهلة والمتهورين ونافثي السموم. كما نأمل إيجاد وسائل أكثر ردعاً وحزماً مع هؤلاء لأنهم بشكل مباشر يتحدون أنظمة الدولة وتوجهها بوأد خطاب التكفير والتطرف والكراهية.