انطلاق المرحلة الأولى من برنامج "سفراء المحمية"    "المواصفات السعودية" تُطلق خدماتها عبر تطبيق "توكلنا"    المعدن الأصفر يستقر عند 2707 دولارات    الرئيس التنفيذي للسجل العقاري: توظيف التقنيات الجيومكانية لإنشاء خارطة بيانات ل8.2 مليون عقار    «حماس»: إطلاق 4 إسرائيليات في الدفعة الثانية    الشباب في يناير.. عقدة للاتحاديين    «الساطي» يبحث عن «التاريخي» أمام العميد    التوسع في الاختصاصات تدريجياً بالمكاتب الفنية في «الاستئناف»    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لفرع وزارة الموارد البشرية بالمنطقة    سماء الوطن العربي تتزين بتربيع القمر الأخير لشهر رجب الليلة    بنك التنمية الاجتماعية يشارك في ملتقى فرصتي 4 لدعم ريادة الأعمال وتمكين الشباب    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر علي فارس النعمي    الأفلام السعودية تضيء شاشات السينما الهندية لأول مرة عبر ليالي الفيلم السعودي    آركابيتا وباركواي تستثمران في محفظة شركات ذكاء اصطناعي سريعة النمو    أطاح ب4 مسؤولين كبار.. ترمب يلوح بإقالة أكثر من 1000 موظف    تفاصيل انتقال كايو سيزار إلى الهلال    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يُشارك في الاجتماع الوزاري الدولي في نيويورك    رصد 67 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية    نائب أمير المدينة يكرم الطلبة المتميزين علمياً من المكفوفين    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    بدء تطبيق آليات بيع المواشي الحية بالأوزان اعتبارًا من 01 محرم 1447ه    السفيرة الأميرة ريما بنت بندر تحضر حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب    إطلاق خدمة «التحقق المهني» للعمالة الوافدة في 160 دولة    استمرار انخفاض درجات الحرارة على عدة مناطق    لا تفريغ للمرشحين.. الدراسة مسائية ومجانية    أحد رفيدة: طريق «المطبّات» يثير الاستغراب    «ثلاثي العاصمة» يتحدَّون الوحدة والخليج والتعاون    مفوض الإفتاء في جازان خلال مبادرة اللحمة الوطنية دين ومسؤولية: الخير فينا فطرة ونسعى للأفضل    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    مركز الأطراف الصناعية في مأرب يُقدم خدماته ل 484 مستفيدًا خلال شهر ديسمبر الماضي    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    أكسجين ووقود صيني في المدار    سيناريوهات اختفاء الأكسجين لمدة 60 ثانية    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    روائع الأوركسترا.. واستقرت بها «الرياض»!    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    مواجهات حاسمة في عودة دوري أبطال أوروبا.. ليفربول يواجه ليل الفرنسي.. وبرشلونة في اختبار بنفيكا    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    السعودية ورهان العرب..    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    أمير تبوك ونائبه يعزيان السحيباني    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    وفد من الشورى يطلع على خدمات منطقة الحدود الشمالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا لا أقارن ولكني أتمنى !
نشر في عكاظ يوم 02 - 08 - 2017


أخيراً قرر ابني الأكبر وبعد أكثر من 20 عاماً أن يرحل من المنطقة التي يسكن وأسكن بها.. كان منزلي يتكئ على سور منزله.. أشترى منزلاً عمره 120 عاماً مجدداً من الداخل في المنطقة التاريخية بكنساس سيتي.. منطقة أزورها كثيراً ولكنها بعيدة عني.. كانت أسئلة كثيرة متلاحقة.. كنت أطرح عليه استفسارات كثيرة.. أتكلم معه بسلبية عن السقوط في كمين شراء منزل بهذا القدم في محاولة لثنيه عن قراره، كنت أفعل ذلك وتقلصات في أمعائي.. كان قرارا من أصعب القرارات عليَّ وأثقلها على قلبي.. كنت محبطاً يائساً بعد أن تيقنت أنني فقدت فعلاً جاري وجلبه حضور حفيدي «آدم» الصباحية.. دفنت توتري بالذهاب معه لرؤية المنزل.. واختلطت مشاعري وأنا أتأمل البيت والمنطقة.. تفهمت رغبته فالمكان تغير تماماً وأصبحت المنطقة تغص بالشبيبة والأطفال.. انخرطت في تدريب نفسي على أن أضم صدري على مشاعري وأن أتماسك.. وأن أبدي فرحي وانبهاري.. قلت له وأنا أكاد أطبق على عنقه «بهت الذي كفر» يا فراس لكم هو مكان رائع فعلاً لقد حولوها إلى قطعة عزيزة من الذهب.. كنت أتقدم إلى المنزل فوق كبري عتيق من الحديد والخشب تم تحديثه بشكل فني رفيع.. ما أجمل هذه المنطقة وشوارعها القديمة الساحرة وبيوتها الحجرية ذات الطعم والرائحة التي تنز بعبق الأصالة.. شوارع قديمة فسيحة تغطيها الأشجار عميقة الخضرة ينتظم التنفس فيها ويعود القلب إلى اتزانه وأنت تفرك قدميك وتراقب قدميك العاريتين في الصندل الجلدي في الشوارع المحنية.. مجموعة من المستثمرين ورجال الأعمال حولوا تلك البيوت القديمة بالتضامن مع الحكومة المحلية إلى رموز عصر.. أخرجوا تلك البيوت من مخازن التاريخ للعرض، مزجوا القديم بالحديث حولوا التاريخ المترب إلى كنوز مشعة وسجادة مزركشة باهرة الألوان.. لم يقتصر تفكيرهم أبدا على أن هذه المباني زائدة عن الحاجة وغير ضرورية ولا لزوم لها.. وتعاملوا معها كدواب مطلوقة في أرض مرعاها قليل رغم امتداد الأراضي في كنساس سيتي بل جددوا تلك البيوت من الداخل وعالجوها من الخارج وجعلوا لها بريق الذهب واعتبروها حباً قديماً لا ينسى فوق العين والروح وذلك بالمحافظة على المظهر الخارجي لها.. جعلوا من هذه المنطقة عملاً يدار ويمول ويتطور ويأتي برزق وفير.. نشروا المقاهي ودور الأنشطة المختلفة بما في ذلك المتاجر والمدارس الخاصة الرفيعة المستوى واستقطبوا الشبيبة ليعيشوا فيها ويحيوها من جديد معتبرين تلك المباني لؤلؤة حقيقية في تجارة عين الشمس.. حولوا الفلكلور والموال إلى أغان رومانتيكية حديثة وجعلوا من الحدائق الفسيحة بعد تطويرها مسارح عائلية وأماكن لتوعية الأطفال والشباب بأمور دنياهم وهذه المسارح المفتوحة حكاية وتجربة قد أتعرض إليها في مقال لاحق وأهديها للنشطاء الحقيقيين في تنمية الترفيه حيث جعلوا الأطفال وعوائلهم يتحلقون في نهاية الأسبوع في تلك الحدائق وبجوار الزهور والبحيرات الصناعية والنوافير يتلقحون الأفكار ويقولون كلاماً فخماً رُش عليه بعض السكر وبداخله فكر عميق.. شيء آخر يتجاوز المعنى المتعارف عليه للحدائق وفتح جديد وإضافة لمفهوم جودة الحياة.. منظر يفرض نفسه بلا استئذان حيث اللحظات تتوالد بعضها من بعض.. أخرجت من حقيبتي السوداء مبتهجاً كيسا من البلاستيك عليه رسم غليون ودخان وتربعت فوق دكة خشبية خضراء تحت ظل شجرة عجوز تقاوم ضوء النهار المتكسر كان كل شيء ينصرف وأنا أتناول كوب القهوة من سيدة ترتدي لباسا فلكلوريا وقلبي ينتزع من جوفه آهة ويترك في مكانها دوامة هواء أطارد شرودي وضربات قلبي أسمعها في أذني أفكر في المنطقة التاريخية «بجدة» المنطقة المستحيلة والتي لم يعد لها وجود كيف أصبحت خارج المكان والزمان لا نتذكرها سوى في الأغاني القديمة التي تصرخ بها أجهزة التسجيل وفي الصور المثبتة في الألبومات والقمصان الملونة والتحف التذكارية يختفي خلف نوافذ وأبواب منازلها المتهالكة المشوهة كتل من البشر لا يملكون شيئا سوى العجز والفقر والإحباط والخروج على القانون اشتركوا في جريمة اغتصاب معلنة لبيوت مهجورة منذ زمن ينحشرون في غرف قذرة عفنة خطرة لم يبادر أحد لتطهيرها رغم أن ذلك لا يحتاج إلى وضوء كل ما يحتاجه قلب مغسول بحب تلك المنطقة وروح حرة تقدس التراث وإرادة عظيمة شجاعة لتطوير المنطقة وإنقاذ من فيها من انهيار تلك المباني البالية فوق رؤوس ساكنيها أو شوي لحومهم فيها في غياب أبسط قواعد السلامة والأمان.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.