أثارت 11 من نزيلات في دار الفتيات بمكةالمكرمة، مساء أول أمس (الجمعة)، فوضى داخل الدار من أعمال تكسير لأبواب الإدارة وتحطيم الزجاج، احتجاجا على سوء معاملة رئيسة الدار والعاملات بها. في هذه الأثناء، حاولت عاملات بالدار تهدئة النزيلات، إلا أن محاولاتهن باءت بالفشل، مما استدعى تدخل الجهات الأمنية (الضبط الجنائي الإداري ومركز شرطة العمرة). وعلمت «عكاظ» أنه تم تهدئة النزيلات والتحقيق معهن في الدار، وطالبن بإبعاد رئيسة الدار وبعض العاملات بسبب المعاملة السيئة من قبلهن. من جانب آخر، حملت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدار في ما تتعرض له الفتيات من تجاوزات، وما نتج عنه من إيداع تسع منهن السجن. وقال ل«عكاظ» رئيس الجمعية بمنطقة مكةالمكرمة سليمان الزايدي ل«عكاظ»: «سبق أن زار فريق من الجمعية الدار، وقدمت توصيات وتقارير تطالب بإصلاح الوضع الإداري والتربوي بها بما يتوافق مع حاجة الفتيات للتهذيب والتوجيه، خلال وجودهن في الدار ويتناسب مع وضعهن النفسي، ولم تتم الاستجابة من قبل الدار وما أوصت الجمعية به من إصلاح حتى نتج عنه، مع الأسف، إيداع تسع فتيات السجن بسبب الأحداث التي وقعت مساء أمس، وهذا يؤكد عدم قدرة الدار على استيعاب حاجة الفتيات ومراعاة وضعهن الاجتماعي الذي أوصلهن إلى الدار كونه ظرفا طارئا». وأضاف: المؤمل من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تعطي هذه الدور الجدية الكاملة في دراسة وضعها التربوي والاجتماعي، للقضاء على هذه المشاكل، وتهيئة الفتيات لإعادة دمجهن مع أسرهن والمجتمع، وليس من الحكمة بقاؤهن حبيسات الدار، مشيرا إلى أنه يجب أن يقابل وضع الفتيات النفسي والاجتماعي ويخفف من معاناتهن لتصبح الدار جاذبة لا منفرة. أستاذ شريعة: فتيات الدار يحتجن لاستقرار نفسي أكد ل«عكاظ» أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة أم القرى الدكتور محمد مطر السهلي أن نزيلات دار الفتيات يحتجن إلى عناية خاصة، بإدخال بعض الوسائل للتنفيس عنهن، خصوصا أن تركيب المرأة عاطفي. وأضاف: النساء لسن كالرجال في تحملهن، ولذا يجب أن يكون لهن دور تناسب طبيعتهن بعيدا عن العنف والحبس الانفرادي، وتدريب المسؤولات عنهن على حسن التعامل معهن، والتعاون مع الجامعات ومراكز التدريب لتكون هذه الدور مؤسسات إصلاح وليست دور عقاب، وأن تعقد ورش عمل متخصصة لدراسة وضع هذه الدور من كافة الجهات ذات العلاقة، حتى يتم تحقيق الاستقرار النفسي لهذه الفئة. وأوضح أن الشريعة شددت على موضوع الحريات، وجاء الوعيد الشديد لمن يصادر حريات الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بالنساء خيرا. أستاذ نفسي: نظرة المجتمع قاسية أكد ل«عكاظ» أستاذ علم النفس بجامعة أم القرى البروفيسور محمود أبورزيزة أن هناك تعتيما على ما يحدث في دار فتيات مكة «ونسمع عن معاملة قاسية لهن»، مطالبا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإشراك بيوت الخبرة لإيجاد حل لهذه المشكلات المتكررة في الدار في كل عام. وأضاف: «لم أسمع عن دراسة علمية أجريت على نزيلات الدار، ولماذا لا تلجأ الوزارة للجامعات لإشراك المختصين النفسيين الاجتماعيين والشرعيين لحل هذه المشكلات المتكررة، بدلا من القسوة التي تمارس على هذه الفئة، ولماذا هذا الخوف من المجتمع، والانغلاق على الذات، وعدم مد اليد لهذه الجهات؟». وزاد: «هؤلاء الفتيات أصبحن في حالة نفسية سيئة، والمجتمع ينظر لهن على أنهن يشكلن خطرا، ويرى بقاءهن في الدار حتى تنتهي أعمارهن، كما يرى أنهن عار عليه لخطأ وقعن فيه، رغم أن الذكور يقعون في أخطاء أكبر مما وقعن فيه هذه الفتيات، وأهاليهم ينظرون لهن على أنهن وصمة عار، فيرفضون استلامهن إذا انتهت محكومياتهن، ما يجعلهن يعشن وضعا نفسيا سيئا، فيلجأن إلى الانتحار والاعتداء على الآخرين، ومع الأسف لا توجد أساليب علاجية داخل الدار سوى القسوة». «العمل» ل «عكاظ»: سنطبق النظام أوضح متحدث وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل ل«عكاظ» أن نزيلات دار الفتيات بمكةالمكرمة لم يلتزمن بالضوابط والتعليمات المنظمة داخل الدار، مؤكدا أنه تم التعامل معهن وفق النظام، بالتنسيق مع الجهات المعنية، مشيرا إلى أنه جار استكمال الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات. وأضاف: إن «رعاية الفتيات» مؤسسة تعنى بتحقيق أسس الرعاية والتقويم الاجتماعي، وتقوية الوازع الديني، والعمل على تحقيق الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية والتدريبية السليمة للفتيات الجانحات اللواتي يحتجزن رهن التحقيق أو المحاكمة، واللواتي يقرر القاضي بقاءهن في المؤسسة ممن تقل أعمارهن عن 30 عاما.