لم يكن اختيار السعودية لاستضافة قمة مجموعة العشرين عام 2020 قرارا بروتوكوليا، على الإطلاق؛ لأن قمة الكبار لا تفهم إلا لغة القوة الاقتصادية والقدرة السياسية والجيوستراتيجية لصناعة القرار العالمي، وهذا ما يتوفر في السعودية الدولة العربية الوحيدة في محفل الكبار، إذ أضحت الرياض ليس فقط لاعبا في صناعة القرار الاقتصادي والسياسي العالمي فحسب، بل عضوا إستراتيجيا في تغيير قواعد اللعبة، بعد نجاحها باقتدارفي «قمم العزم يجمعنا» والتي عقدت في العاصمة السعودية أخيرا. واختيار المملكة لاستضافة قمة «G20» هو بكل المعايير اعتراف وتصويت من الدول الكبرى في العالم على الثقة بالسعودية ومكانتها المميزة بين مجموعة أكبر 20 اقتصادا في العالم، إذ تعتبر الرياض من الدول الكبرى الضامنة للأمن والسلم والاستقرار العالمي، ورائدة في المجال الاقتصادي والنفطي، وتعد أيضا دولة فاعلة في «G20» التي تشكل دولها ما يقرب من ثلثي سكان العالم، وأكثر من أربعة أخماس الناتج المحلي الإجمالي عالميا، وثلاثة أرباع التجارة العالمية، إذ تؤكد الأرقام متانة المركز المالي السعودي في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، إذ يمثل (50%) من اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، وثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم نتيجة للسياسات النقدية التي تنتهجها المملكة، ما أسهم في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي. ومن المؤكد أن نجاح السياسات الاقتصادية والنفطية التي انتهجتها السعودية، وطرحها للإصلاحات من خلال رؤية 2030، كان لهما أبلغ الأثر في جعلها دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وسوقا آمنة للاستثمارات العالمية، وشريكا مهما في قمة العشرين، بجانب ما تتمتع به من مكانة وثقل مؤثر على الاقتصاد العالمي، فضلا عن مواقفها السياسية المعتدلة، وقراراتها الاقتصادية الصائبة التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي. كما أن السعودية جاءت كأقل دول مجموعة العشرين من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت النسبة بنهاية العام الماضي 2016 نحو 13.1% من إجمال الناتج المحلي، تلتها روسيا ب17%، ثم إندونيسيا ب27.9%، كما أنها تسعى إلى تحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن في مجموعة العشرين. وتم طرح الرؤية السعودية 2030، في قمة مجموعة العشرين بالصين العام الماضي، وقوبلت باستحسان كبير من قادة المجموعة، خصوصا أن هذه الرؤية تستهدف تنويع الاقتصاد السعودي وطرح إصلاحات شاملة تتفق مع جهود «G20» في السعي لتحقيق نمو عالمي قوي ومستدام ومتوازن، وإستراتيجيتها في زيادة استغلال مصادر الطاقة المتجددة ورفع كفاءة استهلاكها بهدف تحقيق تنمية وطنية للوصول إلى تنويع الاقتصاد المحلي عبر الاعتماد على مجموعة كبيرة من مصادر الطاقة المتجددة. وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذا سياسيا واقتصاديا ومعنويا كبيرا يجعلها طرفا مؤثرا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية التي تؤثر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة. وتميزت مشاركات المملكة في قمم العشرين السابقة بمواصلة تنفيذ السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكليَّة الداعمة للنُموِّ، وإيجاد فُرص العمل، واستكمال تنفيذ إصلاحِ التشريعات الماليَّة، للحدِّ من المخاطرِ التي قد تُؤثِّر على الاستقرارِ المالي العالمي، والاستمرار في تعزيزِ أُطُرِ السياسات المالية والهيكلية في اقتصادات بعض الدُول الأعضاء، والارتباط الوثيق بين النّموِّ الاقتصادي والسِّلم العالمي، إذ لا يمكنُ تحقيق أحدهما دون الآخر، الأمر الذي يتطلَّب من الجميع التعاون والعمل لمُعالجة القضايا التي تُمثِّل مصدر تهديد لهذا السِّلم. وستستضيف الأرجنتين القمة القادمة في 2018، تليها اليابان في 2019، ومن ثم المملكة، بالتزامن مع الوصول إلى برنامج التحول الوطني 2020 في إطار الرؤية السعودية 2030. وتضم مجموعة العشرين التي تم تأسيسها في سبتمبر 1999 بواشنطن، كلا من: ألمانيا، فرنسا، اليابان، الولايات المتحدةالأمريكية، كندا، إيطاليا، بريطانيا، روسيا، السعودية، الأرجنتين، أستراليا، جنوب أفريقيا، البرازيل، الصين، كوريا الجنوبية، الهند، إندونيسيا، المكسيك، تركيا، والاتحاد الأوروبي.