الموقف الوطني المشرف الذي اتخذه الروائي عبده خال بفسخ عقده مع دار النشر القطرية يحيلنا إلى دور المثقف في الأزمات السياسية، خصوصا عندما يكون وطنه المعتدى عليه من قبل أطراف تتعمد ضرب وحدته واستقراره وتماسك مجتمعه عبر وسائل مختلفة، منها توظيف منابر إعلامية وثقافية تمارس التضليل والتشويش وبث الشائعات للتأثير على عقول البسطاء وتحريف الحقائق وتوظيف بعد الأحداث الداخلية العادية بتحميلها ما ليس في سياقها وأغراضها، وكل ذلك لخلق جبهة داخلية مضادة أو تحييد بعض الأصوات الوطنية على الأقل. في الأزمة الراهنة مع قطر شهدنا مواقف ملتبسة لكثير من المنتمين لمجال الإعلام والثقافة والفكر والرأي بدعوى الحياد في الخلافات السياسية، وأن دور المثقف هو النأي برأيه وعدم الخوض في هكذا خلافات، من أجل الحفاظ على العلاقات بين الشعوب وعدم تأزيم المشاكل التي ستتكفل السياسة بحلها عاجلاً أو آجلا. ليس هذا فحسب وإنما ذهب البعض إلى انتقاد الكتاب الذين وقفوا موقف الدفاع عن وطنهم وتفنيد المؤامرات المتكررة عليه من النظام القطري والرد على الطروحات المشبوهة التي تحاول تحريف الحقائق من خلال مواجهة إعلامية غير شريفة يقودها بعض مرتزقة الإعلام الجاهزين لأي دور في أي قضية. الحقيقة أن ما يقوله هؤلاء هو محض هراء ونكوص وانسحاب مشين عن الاضطلاع بالدور الوطني للمثقف في الأزمات الوطنية والمواقف الفاصلة التي تتطلب إجماعاً وطنياً وجبهة صلبة متحدة بين جميع الأطياف. فمثل ما للسياسي الدور الأساسي للتعاطي بشكل مباشر مع أي أزمة، فإن لكل مواطن من أي شريحة وفي أي مجال دورا لا يقل أهمية في سد الثغرات وتقوية الجبهة الداخلية، ويكون هذا الدور في أقصى أهميته بالنسبة للمثقف والإعلامي والمحسوب على أهل الفكر والرأي. وبالتالي نقول لهذا الطابور الملتبس في مواقفه: إذا لم تكن توفرت لديكم الشجاعة للقيام بدوركم الوطني في المواقف التي يحتاجكم فيها الوطن فالمطلوب صمتكم على الأقل رغم أنه حياد سلبي، أما انتقادكم للذين يجهرون بدفاعهم عن الوطن فتلك خطيئة ووصمة عار ستحل بكم.