كثر لدى كل الفرقاء في العالم الإسلامي زعم أن عصبتهم الضيقة المتمحورة حول غرور الأنا هي الفرقة الناجية وبقية حتى أهل طائفتهم طالما ليسوا من عصبتهم فمصيرهم جهنم، رغم أنهم لا يحددون ماهية ما يجعل فرقتهم الناجية الحصرية، لكن القرآن ذكر الفرقة الناجية وما الذي يجعلها ناجية؛ قال تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم). قال القرطبي: «أي الخالص من الأوصاف الذميمة والمتصف بالأوصاف الجميلة.. هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور-من البغضاء- وحسن الظن بالناس». فبالحديث النبوي «دَبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقةُ، حالقةُ الدِّينِ-أي المذهبة لدين صاحبها- والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا أفلا أُنبّئُكم بشيء إذا فعلتموه تحَاببْتم أَفشوا السلامَ بينكم» أحمد والترمذي. ولعل المقصود بإفشاء السلام ليس لفظه كتحية فقط فحتى الإرهابيين يحيون الناس بلفظ السلام قبل أن يفجروهم، إنما المقصود نشر ثقافة المسالمة كسجية أخلاقية سلوكية تعني انتفاء أشكال الصدام والصراع والعدوانية والأذية المادية والمعنوية، وهذا يورث الحب. الفرقة الناجية لسان حالها (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). وقال تعالى (إن كتاب الأبرار لفي عليين) (إن الأبرار لفي نعيم). قال الطبري الأبرار؛ «هم الذين لا يؤذون شيئًا حتى الذَّر-صغار النمل-». وروى الطبراني عن أعبد الأنبياء وعاقبة كثرة قتله للكفار (الله أمر داود أن يبني مسجدا، فلما تم السور سقط ثلاثا فشكا ذلك إلى الله، فقال: يا داود لا تصلح أن تبني لي بيتا، قال: ولم يا رب؟ قال: لما جرى على يديك من الدماء، قال: يا رب أو ما كان ذلك في هواك ومحبتك؟ قال: بلى ولكنهم عبادي وأنا أرحمهم). وقال الطبري: فأوحى الله إليه (إنما يبنيه ابن لك طاهر اليد من الدماء) ولهذا سمى داود ولده سليمان ويعني بالعبرية؛ المسالم. وبالصحيح (مثل المؤمن مثل النحلة، إن أكلت طيبا، وإن وضعت وضعت طيبا، وإن وقعت على عود نخر لم تكسره ولم تفسد). أي أن مثل المؤمن في لطف سلوكه كما ولو أنه ألطف المخلوقات كالنحلة، وللطفه لو حط على غصن مهترئ لم يتسبب بكسره، وأثره دائما نافع حلو كالعسل. والخلاصة؛ حبوا بعضا. [email protected]