في حديثنا هنا سنكون للحظات في ضيافة (الوعي).. تلك المفردة التي تُعدُّ الأيديولوجيات من أهم أعدائها، إذا ما اتفقنا على أن دوغمائية وتعصب الأيديولوجيا يعتبر ناقضاً من نواقض «طهر» العقل قياسا بنظرةٍ فلسفيةٍ تجريبيةٍ معتبرة لفرانسيس بيكون في حديثه عن الأوهام الأربعة. إنَّ الظن السائد في ذروة حماستنا الشبابية الرومانسية -أيام الجامعة- أننا كنا في أشد مراتب «الوعي» بانتماءاتنا الأيديولوجية الدينية! بينما الوعي يقتضي توظيفا لا يتناسب وعقيدة التحزب المؤدلج الذي يُحوِّل الأفكار إلى ممارسات وعقيدة نفعية للوصول لأهداف «سياسية» دنيوية. إنَّ ما نراه عند بعض النخب السعودية في وسائل التواصل الاجتماعي من حماسٍ شديدٍ لأيديولوجيات إسلامية «سياسية» مثل حزب الإخوان المسلمين هو -بوجهةِ نظري- أحد أوجه تعطيل الوعي، إذا ما اتفقنا على أن الأحزاب السياسية تُوظِف المبادئ المطلقة وشعاراتها المدغدغة لعواطف الجماهير!. وتجعل من الدين فكرة خادمة لأهدافها وليست مخدومة!. إلى ماذا تهدف مثل هذه الأحزاب من تشكلها ودعايتها الواضحة في ساحاتنا الفكرية السعودية؟ وإلى ماذا يريد الوصول من يستميت دفاعا وتبريرا لتصرفات مثل هذه الأحزاب الواضحة ضد استقرارنا ووحدتنا الوطنية؟. يجب أن ندرك أن هذه الأحزاب ذات توجهات سياسية عملية وليست فلسفات أخلاقية تنظيرية!! وهي بكل أدبياتها تستجدي الوصول للسلطة في كل مكان توجد فيه وبكل بلشفية حتى وإن التصقت بالديني والإسلامي (كاسم)!. فماذا بعد ذلك؟!. وأرجو أن لا تنطلي علينا تلك الخدعة «اللفظية» التي تردد عند بعض من يدافع عن مثل هذه الأحزاب: «لا تزايدون على وطنيتنا»! بل إني -عن نفسي- أتبنى المزايدة على وطنية من ينتمي لهذه الأحزاب بأن أي انتماء لحزب «سياسي» هو بالنتيجة انسلاخ «انتمائي وتعاطفي» من شكل سياسي آخر قائم! وأن إنكار مثل هذا المبدأ يجعلنا ننكر مبدأ «عقلي بديهي» وهو ارتفاع النقيضين!. الغريب أن أحد دكاترة الجامعات السعودية ومن تنصَّب بمناصبٍ مهمة طرح سؤالا في حسابه الشخصي لم أستطع -حقيقة- معرفة جذوره أهي من جهل أم حسن نية ولعلها -إن شاء الله- من حسن نية حينما قال بكل رومانسية فكرية: «ما هو المطلوب من جماعة الإخوان المسلمين»، مستنكرا بعض من ينتقد سلوكهم السياسي المراهق!!.. والسؤال مردود عليه بسؤال: ما حاجتنا لوجود جماعات سياسية وانتماءات حزبية في بلد مستقر سياسيا وأمنيا بمؤسساته وتوجهاته؟ وقد ظهر منهم عداء لشكل الحكم في بلدنا المستقر والآمن!.. والإجابة على سؤالك -سعاد الدكتور- المطلوب عدم وجودهم بيننا. أقولها بكل وضوح: إننا أمام اختيار بين الانتماء لنموذج ووطن قائم إسلامي ننعم به جميعا باستقرار سياسي وأمني.. أو اختيار عُمْي الأيديولوجيا الذي يجعل من الدين فكرة خادمة لأفكاره مخدومة.. فلنتأمل!. [email protected]