روى لي أحد الأصدقاء هذه القصة العجيبة.. يقول: كنت هذا الأسبوع خارجا من سوبرماركت, وعندما كنت أضع مشترياتي في حقيبة سيارتي، إذ بشخص يتوقف بسيارته بجانبي، وما إن اقترب مني حتى بدأنا نتعانق كصديقين لم نلتقيا منذ عدة أشهر.. وبعد السلام والكلام، وقبل أن نودع بعضينا قال لي: انتظر قليلا: ثم دخل سيارته ليعود وفي يده ملف فيه السيرة الذاتية لابنه العاطل، طالبا مني بصورة أقرب للتوسل أن أبحث له عن وظيفة. ويواصل صديقي سرد الحكاية، فما كان مني إلا أن طيبت خاطره في البداية قائلا: «أبشر».. ثم أضفت وأنا أقسم بالله العظيم أنني أنا شخصيا عجزت عن إيجاد وظيفة لابني طيلة أكثر من سنة، حتى إنني لم أترك أحدا من معارفي إلا وتوسطت به. تلك كانت قصة صديقي العجيبة التي قالها لي قبل أن أكتب هذه السطور، لأجد نفسي بالفعل أشعر بمرارة حالته وحالة صديقه الآخر اللذين لم يجدا فرصة وظيفية لابنيهما، لكنني عندما تأملت واقع حياتنا في هذه السنين المتأخرة، وجدت بالفعل أن أحدنا وهو يبحث عن وظيفة لابنه تكون حالته، كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش. ولعل من المفارقات أنني بعد كتابة هذا المقال بساعة واحدة, كنت استمعت مساء (الثلاثاء) الماضي عبر الإذاعة السعودية لبرنامج «وجه الحقيقة»، وعلى مدى أكثر من نصف ساعة، كانت الاتصالات تنهال من المستمعين والمستمعات الذين سردوا عبر الأثير قصصا محزنة، لشبان وشابات بعضهم ما زال يطارد سراب الوظيفة منذ 11 عاما. العجيب فعلا أننا كنا وما زلنا ونقرأ سيلا من تصريحات عدد المسؤولين بالقطاع الحكومي والأهلي، ممن لم تفتر ألسنتهم عن تبشيرنا بوظائف بالآلاف، كلما وقعوا على مشروع ما، لكن الحقيقة المرة أنه لا تلك الوظائف قد حضرت، ولا هم قد توقفوا عن دغدغة عواطف الشباب بالحلم السرابي. يجب علينا حقيقة أن نعترف أننا أمام بطالة كبيرة وتتزايد يوميا، ولهذا فإننا نحذر من غياب الحلول الحقيقية لها، وما ينتج عنها من تدمير لنفسيات الشباب وقتل لطموحهم وربما انصرافهم إلى ممارسات خطيرة، في وقت يعيش بين ظهرانينا قرابة 12 مليون وافد. [email protected]