بمناسبة أجواء الامتحانات التي تفرض على كل من يخوضها الكثير من الأسئلة والأفكار الوجودية، وأحد أهمها، والذي يمثل أحد أكبر كوابيس أي طالب أو أي شخص مرتبط بمواعيد مهمة، هو السؤال المحير: من الذي يغلق ساعة المنبه عندما ترن دون أن يشعر أو يتذكر من ضبطها أنه قام بإغلاقها، ولا أحد غيره يمكنه أن يغلقها، فهو في حجرة مقفلة؟ وكم من أناس تغير كل مسار حياتهم لأن صاحب الموعد المصيري ضبط ساعة المنبه على الوقت المطلوب، ولما دقت قام وأغلقها، وعاد للنوم دون أن يعي ويشعر أو حتى يتذكر أنه قام بذلك، حتى وإن حاول الشخص جعل هذا السيناريو صعب التحقق بضبطه أكثر من ساعة ووضعها في أماكن بعيدة عنه تتطلب أن ينهض من سريره، ولهذا كثيرون لا ينامون عندما تكون لديهم ساعات قليلة للنوم غير مشبعة خشية أن يغلقوا ساعة المنبه ويعودوا لإكمال نومهم دون أن يشعروا، والجواب على سؤال من الذي يغلق المنبه أو بشكل أدق ما هي الآلية التي تجعل الشخص يقوم بتصرفات معقدة، كالنهوض، والمشي، وإغلاق جهاز، والعودة للنوم بشكل يخالف إرادته ودون أن يشعر ويتذكر. الجواب في قول بليغ للإمام علي بن أبي طالب «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا -أي استيقظوا-»، والمقصود أن الناس مسيرون عبر اللاوعي الآلي وهو تابع للجسد ويسمى بالعقل الباطن، والذي تتلخص آلية عمله بكونه يسجل الأنماط المعتادة ويكررها بشكل تلقائي آلي بدون الحاجة لحضور وعي الإنسان النقدي التمحيصي المتفاعل المباشر والمتجدد، الذي يمكنه عدم تكرار المعتاد، واللاوعي بالإضافة لتكراره للأنماط المعتادة بشكل آلي، فهو أيضا يسعى بشكل آلي لإشباع نزعاته الغرائزية ولا يبالي باعتبارات صاحبه، أي بالروح التي تركب هذه السيارة التي اسمها الجسد، ولهذا اللاوعي يغلق المنبه حتى يشبع من النوم ولا يبالي بضياع مستقبل صاحبه، وهذا أوضح مثال لاختلاف مصالح الجسد عن مصالح صاحب الجسد، والذي يجب أن يوقظ الإنسان لحقيقة أنه ليس كل ما يجده في نفسه من رغبات، وميول، وعصبيات، ومسلمات، وعادات يصح أن ينساق وراءها بلاوعي، فهذا هو سبب كل مشكلات الناس الخاصة والعامة على كل صعيد، فغالب الناس هم كمن يعاني من مرض «المشي أثناء النوم». وبالمناسبة أثبتت الدراسات على أصحاب هذا المرض أنه يمكنهم قيادة سياراتهم والوصول لمكان مألوف والقيام بجرائم قتل وهم نيام ويصبحون عنيفين عند محاولة إيقاظهم، فلا نائم يحب من يوقظه. [email protected]