المشردون مشكلة عالمية تختلف أسبابها من مجتمع لآخر، فقد تكون اقتصادية لعدم وجود دخل، سكن، أو الحاجة للتسول لكسب لقمة العيش وعطف أفراد المجتمع، أو اجتماعية كرفض الأسرة لأحد الأبناء لسوء سلوكه. وتحتاج هذه الفئة للدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي والعلاجي، وللأسف لا يوجد فرز لهذه الحالات المنتشرة في الشوارع وتحت الجسور، من قبل المسؤولين في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لدراسة أوضاعهم ولمعرفة مشاكلهم ومن ثم تحديد احتياجاتهم والجهة المسؤولة عنهم لتقديم الرعاية المناسبة لهم. ويحتاج المرضى النفسيون إلى مراكز خاصة لرعايتهم مثل دار لنقاهة المرضى النفسيين التابعة لوزارة الصحة، والتي لا توجد في جدة وعدد من المدن الأخرى، ففي السابق كانت دار النقاهة تتبع للشؤون الاجتماعية ونقلت مسؤوليتها من مبانٍ وقوة عاملة وميزانية إلى وزارة الصحة، وللأسف انتهى دورها بعد اتخاذ هذه الخطوة. وتحتاج وزارة الصحة لإنشاء الدور الخاصة بنقاهة المرضى النفسيين «دور الإخاء» من أجل تقديم الرعاية النفسية والاجتماعية اللازمة لهم، وعدم تشردهم في الشوارع، خصوصا المرضى الذين لا يوجد من يرعاهم، أو المرضى الذين انتهى علاجهم في مستشفيات الصحة النفسية ويرفض ذووهم استلامهم، ولحسن الحظ، يقدم مركز أجواد للرعاية المجتمعية بجدة والرياض التابع للجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية، الدور البديل لدار النقاهة، ويساهم «أجواد» باستيعاب المرضى النفسيين المشردين وتقديم الرعاية والعناية الطبية والاجتماعية والنفسية والغذائية والترفيهية لهم وتأهيلهم. ولكن ما زال مركز أجواد يحتاج للدعم المادي من رجال الأعمال ومن لجان أصدقاء المرضى في المدن لأداء دوره كما يجب، وليستوعب جميع المشردين النفسيين في المدن. ويحتاج مركز أجواد إلى إطالة فترة بقاء المرضى النفسيين، حيث إنه لا يتجاوز بقاؤهم فيه بضعة أشهر، ما يعرِض المريض للانتكاسة مرة أخرى، إذا أخرج منه دون تأهيل والتأكد من سلامته واستعداده لتحمل ضغوط الحياة، وما أعجبني في مركز أجواد استطاعته لتأهيل بعض الحالات النفسية ورجوعها للمجتمع ومساعدتها في حصولهم على العمل المناسب واستخراج هويات لهم وحصولهم على المساعدات من الضمان، وأيضا تواصلهم مع أسرهم، أما بخصوص المرضى المدمنين فتقع المسؤولية على مكافحة المخدرات لتحويلهم إلى مستشفيات الأمل وإلزامهم ببرنامج العلاج ومن ثم بعد انتهاء علاجهم تتولاهم الشؤون الاجتماعية لتوفير الرعاية اللازمة لهم من توفير المسكن والمأكل والعمل. وبخصوص المشردين والمرفوضين من الأهل والذين يعانون من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فتقع المسؤولية على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، حيث يجب عليها القيام بدراسة أوضاع جميع المشردين الاجتماعية والاقتصادية والقيام بتعديل سلوكهم وتوفير الملبس والمسكن والغذاء والعمل المناسب لهم ومحاولة تأهيلهم ليقوموا بدورهم الإيجابي لخدمة المجتمع، وفي حال أدت كل جهة ما عليها من مسؤوليات ستنتهي مشكلة المشردين من شوارعنا. *باحث اجتماعي [email protected]