هل حولنا قوقل لأغبياء؟ مقال للكاتب نيكولاس نشره في مجلة عن التقنية في عام 2008. تحليل واقعي يهدف لرصد الحالة الذهنية والمعرفية للأفراد في عصر التقنية، تساؤل عجيب استفتح به الكاتب مقالته، تساؤل يعكس تفكيراً مغايراً للتيار وتغريداً خارجاً عن السرب في الوقت الذي يحتفل الجميع بتلك التقنية التي لم تمهلنا حتى التفكير في استخدامها من عدمه. توالت التقنيات، كل تقنية تسبق أختها لتقدم حلولاً أسرع لكل مشكلات الحياة. استخدم قوقل ليعبر بذلك عن التقنية التي سلبت منا العديد -وللإنصاف قدمت العديد كذلك- ويصيح بأولئك المحتفلين بالتقنية ما لكم ألا ترون؟ ألم تلاحظوا ماذا صنعت تقنيتكم بنا وبطريقة تفكيرنا؟ ومن ضمن ما قاله عن آثارها أنه أصبح يجد صعوبة بالغة في التركيز على مقالة طويلة بسببها، فسرعة التقنية ولدت لديه حب العجلة وسرعة التململ، حين يتحدث الكاتب عن مثل هذه الظواهر فإنه يتحدث عن مجتمع محب للقراءة، فماذا سيكون تأثير ذلك على مجتمع لا يقرأ إلا ما ندر، أصبح من الصعوبة التركيز على عمل واحد في ظل سرعة التقنية التي تأخذنا من حدث لآخر، ومن فكرة لأخرى بسرعة البرق، قد تكون السرعة هذه مقبولة في التصفح ومعرفة الأخبار لكنها طامة كبرى إن كانت للبناء المعرفي. التقنية صنعت جيلاً هشاً وسطحياً يستقي معلوماته وتحليلاته ويبني أفكاره معتمداً على وسائل التواصل الاجتماعي. يتسرع في أحكامه ومواقفه ولا يتوانى في الدفاع عنها وحين يطول النقاش ويفرغ رصيد أفكاره يستعين بالشتائم والتخوين والاتهامات غير المبررة وغير المنطقية. وبالتالي حين تكون مصادر البناء هشة وسطحية ومتهالكة فإنها تؤثر سلباً على المنتج الظاهر الذي قد يكون في هيئة شخص، تغريدة، مقالة والأدهى والأمر أن يكون المنتج كتاباً ضجت به المكتبات ومعارض الكتب، أصبحت قراءة الكتب الجادة والعلمية مهمة شاقة للغاية حتى على من اعتاد قراءتها بسبب أن التقنية جعلت كل شيء أسرع وأسهل حتى الحصول على المعلومة. فَلِمَ نشقى في تحليل الأفكار وربطها ومقارنتها ببعضها في حين أن هناك مواقف وأفكارا وآراء متناثرة في فضاء تويتر تنتظر من يتلقفها ويتبناها، فنجادل من أجل خاتمة جاهزة لدى أحدهم دون مقدماتها الضرورية لتبريرها. وهذا أحد أهم أسباب ظهور مفردات قائمة على الانتصار اللفظي كتحجير وتفجير الجبهة بدلاً من مقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق. لكان أجدر بالشخص لو استفاد من التقنية في الحصول على المعلومة الصرفة، وبذل مزيداً من الوقت في محاولة الفهم وبناء الرأي واتخاذه، أو أن يمتنع بقول لا أعلم حين لا يعلم، من أن يصر ويكابر على عدم علم ولا رغبة في العلم. * محاضر في جامعة شقراء [email protected]