مما يحمد لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية أنها في السنوات الأخيرة نشطت في مجال دعم عمل المرأة، وحرصت على إزاحة كثير من العقبات التي كانت مطروحة في طريق النساء الراغبات في العمل. من بين العقبات التي كانت تعيق عمل المرأة في بعض الأحيان، اشتراط جهة العمل ما يثبت موافقة ولي أمر المرأة على عملها، لكن هذه الموافقة لا تتوفر للمرأة دائما لأسباب مختلفة، كالنساء المتزوجات اللاتي هجرهن أزواجهن وغابوا عنهن وانقطعت صلتهم بهن، أو الزوجات اللاتي بينهن وبين أزواجهن مشكلات وقضايا وخصومات، فيرفض الأزواج منحهن الموافقة على العمل عنادا وتنكيدا، أو غير ذلك من الأسباب. وما يحدث غالبا هو أن المرأة تحرم من الحصول على العمل بسبب ذلك الاشتراط، وقد يكون لديها أطفال تعولهم وفي حاجة ماسة إلى دخل الوظيفة، فتظل تعاني هي وأطفالها الحرمان ومشقة الحاجة وذل المسألة لمجرد أنها لم تتمكن من إرفاق ذلك الشرط ضمن الأوراق المطلوبة. ولمساعدة أمثال هؤلاء النساء، عمدت وزارة العمل إلى النص صراحة في الدليل الخاص بعمل المرأة في القطاع الخاص، إلى عدم الحاجة إلى اشتراط موافقة ولي أمر المرأة عند التحاقها بالعمل. يوم أمس فاجأتنا الوزارة بصدور نسخة جديدة من ذلك الدليل بعد أن أسقط منها البند المؤكد عدم الحاجة إلى اشتراط موافقة ولي أمر المرأة عند طلب التحاقها بالعمل! فلماذا فعلت الوزارة ذلك؟ هل تراجعت عن موقفها في دعم عمل المرأة؟ لكن ذلك يتناقض مع قرارها الأخير بقصر العمل في الأسواق المغلقة على المواطنين والمواطنات، كما أنه يتناقض مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تتطلع إلى تعزيز دور المرأة في سوق العمل! إذن لماذا؟ هل تلقت الوزارة احتجاجات غاضبة من بعض أولياء الأمور فأرادت أن ترتاح من إزعاجهم؟ إن كان هذا هو السبب فإنها تكون بهذا تخلت عن دورها في دعم النساء المحتاجات إلى العمل، في مقابل إرضاء رغبة تسلطية من أقاربهن! أم أن الوزارة رأت في بند (عدم الحاجة إلى اشتراط موافقة ولي أمر المرأة عند التحاقها بالعمل) استثناء قد يفهم منه وجود نظام رسمي من الدولة يقضي بذلك فقررت إلغاءه؟ إن الوقت ما زال مبكرا على إسقاط ذلك البند، فالحاجة إليه ما زالت قائمة، ومن المتوقع أن أصحاب العمل، حرصا على حماية أنفسهم من الوقوع في منازعات مع أقارب النساء، سيطلبون منهن إثبات موافقة ولي الأمر، فتعود النساء إلى المربع الأول حيث كانت تتعثر أقدامهن بذلك الطلب. سيبقى ذلك الاشتراط غير المحق سيفا فاصلا ما بين المرأة وحقها في الحصول على العمل، ما لم تعد الوزارة الحياة إلى ذلك البند المقتول.