كما كان متوقعا، خرج الوفد الزائر من رجال المال والأعمال من ميناء جدة الإسلامي وهم أكثر ثقة في المستقبل، في ظل الخطوات الطموحة التي تجرى حاليا لتحديث الميناء لمواكبة التحديات، ورؤية 2030. وكان من اللافت أن نشهد سباقا محموما من أجل التطوير في قطاعي الميناء والجمارك، لضمان الانسيابية في الأداء حفاظا على مصلحة مجتمع المال والأعمال، لاسيما أن الموانئ تحتضن 90% من الصادرات والواردات السعودية. وكان من أبرز الملفات التي يجرى العمل عليها الميكنة وتقليص مستندات فسح البضائع ليتم ذلك خلال 24 ساعة فقط، وفق خطة طموحة، إضافة إلى حل الكثير من العقبات التي كانت تمثل هاجسا لدى رجال الأعمال، ومنها تكدس البضائع في الميناء لأيام وأسابيع، خصوصا في المواسم، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة للمستثمرين والاقتصاد بشكل عام، ولكن عندما شاهدنا الخدمات والتطور الكبير الذي لا يخفى على أحد من المتابعين للخدمات التي يقدمها الميناء والجهات الأخرى التابعة له اكتشفنا أن مثل هذه المشكلات قد اختفت، وفي هذا الصدد اطلعنا بمزيد من الارتياح خلال الزيارة على الجهود الجارية لتعميق القناة الملاحية حتى تستقبل أكثر من سفينة عملاقة في وقت واحد، ورفع الطاقة الاستيعابية للميناء إلى 1.7 مليون حاوية بدلا من مليون فقط، ولا يتوقف الأمر على ذلك وإنما يمتد إلى التركيز على استيراد المعدات عالية الكفاءة والجودة في إطار خطة المملكة لتكون الموانئ السعودية مركزا محوريا للتجارة الحرة خلال خمس سنوات، وفي إطار الجهود الجارية لخصخصة خدمات الموانئ نتطلع إلى الانتهاء من المشاريع الحالية لتطويرها بنحو 2.7 مليار ريال لتصبح ذات كفاءة عالية وقدرة على المنافسة مقارنة بمثيلاتها في الخليج والمنطقة العربية. ولا شك أن الربط الإلكتروني بين الميناء ومختلف القطاعات وفي صدارتها الجمارك من شأنه أن يحقق الفاعلية وجودة الأداء المطلوبين. ومما يثلج الصدر أخيرا عندما صنفت شركة «ألفا لاينر» المتخصصة في تحليل بيانات النقل البحري ميناء جدة الإسلامي في المركز 34 عالميًا في مجال مناولة الحاويات لعام 2016 من بين أكبر 100 ميناء في هذا المجال، لاسيما أنه يحتوي على 62 رصيفا، ويستطيع مناولة أكثر من 55 مليون طن من البضائع، وما يزيد على 4.2 مليون حاوية. كما يعتبر أيضا أكبر ميناء عربي شامل، إذ يضم محطات لمناولة الحاويات والبضائع العامة والركاب والحبوب السائبة، إلى جانب مناولة المواشي الحية والسيارات وحوضين لإصلاح وصيانة السفن. إننا متفائلون أن تلعب الموانئ السعودية دوراً مهماً في رؤية المملكة الطموحة 2030، وتسهم في دفع عجلة تطور قطاع الخدمات اللوجستية والتبادل التجاري، لاسيما أن المملكة تقع في موقع إستراتيجي للخطوط الملاحية ما بين الشرق والغرب على البحر الأحمر. [email protected]