لئن كان قطع الرحم هينا – وليس بهين مما يغضب الله – فإن عقوق الوالدين ومخاصمة الأخ لأخيه وأهله ممن هو أو هن من عظام الرقبة. فقد جاء في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بسورة النساء: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا}، وفي سورة الإسراء يقول رب العزة والجلال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}. وفي ما رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ: وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ». وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ». وَالْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ». وفي الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِرَ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ». وإن من المؤسف ما طالعتنا به جريدة «المدينة» بتاريخ 3/7/1438ه ونصه: «كشف دكتور ذعار بن محيا مدير عام مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية لجرائم عقوق الوالدين عن رصد 7679 جريمة، خلال العامين 1435 - 1436ه، فقد بلغ مجموع الجرائم المرتكبة لعقوق الوالدين خلال عام 1435ه 3934 جريمة، وعدد 4208 جرائم لعام 1436ه. وذكر الدكتور ذعار بن محيا أنه غالبا ما ترتبط جرائم العقوق بالمخدرات، وتم رصد جرائم عقوق الوالدين المباشرة والجرائم الفرعية الأخرى المتربطة بها في العامين: جريمة العقوق مع اعتداء بالضرب بعدد 312 جريمة، والعقوق مع مسكرات بعدد 97 جريمة، وجاءت أخيرًا جريمة عقوق مع حالة غير طبيعية بعدد جريمتين. .. والواقع المؤلم أن هذه الإحصائية ليست إلا بعض الحقيقة، فحقيقة الأمر أكبر عدداً وأشنع فعلاً.. ويا أمان الخائفين. السطر الأخير: وقال الله تعالى بسورة الإسراء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [email protected]