OKAZ_online@ ثلاث مسائل أساسية لا يمكن إغفالها من الحساب السياسي والعملياتي عندما يتعلق الأمر بأي محاولة لقراءة التطور العسكري الأخير النادر بإطلاق الجيش الأمريكي 59 صاروخا من طراز «توماهوك» من مدمرتين تابعتين للبحرية على قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية في ريف حمص، في رد أمريكي على الهجوم الكيماوي الذي شهدته بلدة خان شيخون في إدلب منذ أيام. المسألة الأولى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تدخل عسكري أمريكي مباشر منذ نشوء الأزمة السورية والثانية أنها المرة الأولى أيضا التي تقصف فيها القوات الأمريكية هدفا من أي نوع داخل الأرض السورية وفي ريف حمص تحديدا. أما الثالثة فهي الأهم وتؤشر على أن هذه الغارة المؤقتة سياسيا وعسكريا وأمنيا بامتياز أنجزت دون الإشارة لحركتها بغطاء من التحالف الدولي وبدت تلقائية وأمريكية ذاتية والأكثر أهمية أنها بقرار مباشر من الرئيس دونالد ترمب. الغارة الأمريكية التي جاءت بعيد جريمة نظام الأسد باستخدام الكيماوي ضد شعبه تزامنت مع بحث مباشر لملف «المناطق الآمنة» داخل سورية وسيناريو ترمب بهذا السياق ومجمل هذه الظروف والملابسات جعلت الضربة الصاروخية الأمريكية لسورية «تحولاً» مدروسا لا يمكن الاستهانة به ليس فقط على صعيد العلاقات الأمريكية - الروسية بل على صعيد خيارات السيناريو الإقليمي في ما يخص الملف السوري. القصف الصاروخي الأمريكي لسورية حمل رسالة ثلاثية الأبعاد موجهة للنظام الأسد مفادها: «المعطيات تغيرت ولهجتنا أكثر حزما ولا بد من ضرب العصب الحيوي»، وهي رسالة كانت واضحة المعالم عندما علق ترمب على المجزرة الكيميائية التي نفذتها طائرات النظام السوري في محافظة إدلب مؤكدا أن الأسد تجاوز العديد من الخطوط الحمراء وأن الهجوم الوحشي على أناس أبرياء، نساء وأطفالا وحتى رضعا، كان إهانة للإنسانية وأن موقفه من سورية والأسد تغير بشكل كبير، وحين سئل عن طبيعة الخطوات التي سيقوم بها أشار إلى أنه لا يحب أن يتحدث عما سيقوم به وإلى أين سيمضي، وهي إشارة فهمت، عالمياً، على أنها تهديد بعمل عسكري منفرد. مطار الشعيرات الذي استهدفته الصواريخ الأمريكية هو المطار الذي انطلقت منه الطائرات لتقصف الشعب السوري بالكيماوي ودمرت الصواريخ الأمريكية 14 طائرة مقاتلة من نوع سوخوي وبرج المراقبة ومستودعات الوقود، كما دمرت مدرجات المطار وبات عمليا خارج الخدمة وهو المطار الذي يقيم فيه خبراء وفنيون روس وإيرانيون، الأمر الذي يؤكد أن الإدارة الأمريكية بدأت السير في قواعد لعبة جديدة عسكريا في سورية. ضربة الشعيرات موجعة ولكن مطلوب إسقاط النظام وحلفائه الإيرانيين.