اعتنز (القاسي) على طرف ظلة المسيد يرقب الوادي، ويفلي لحيته الكثة المليئة بالحفا من أثر الدياس، شافها في ركيب القضب تصرم وتلف وتعقد الحزمة، اشتالت ما صرمت وتحركت صوب القرية في منتصف الطريق حجيرة بارتفاع متر كانت منسمة للنساء حاملات الحطب والقرب والعشب، مالت على الحجيرة، ومسحت بطرف شرشفها العرق المنبعث من جبهتها، ولم تكد تسترد أنفاسها حتى كان القاسي بمحاذاتها. (ولعون) بدأها. ردّت: الله يعينك. ويدقق طحينك، ويجعل الغربان تأكل من يمينك، اتبعتها بضحكة مغناجة. قال «أنا فدى الضحكة. ومن هي ضحكته. وألحقها مذكراً» هاه وش قلتي ما ودّك تأخذيني؟ سكتت ثم تلفتت وأجابت (إنته يا القاسي أقشر وما غير تتخزى على خلق الله. ويا الله في الحيا أنت من أنداد جدي، إن كان ودّك تزوجني على ولدك (علي) فالكرامة فالك). ردّ عليها «تبغين (علي) يالسفسوفة وتخلين الدندون (أبو علي) لأنه سفسوف مثلك. والله ما عليك شرهة أمك من قبلك خلّت المطاليق في القرية وندرت الخبت مع سفسوف كماها تسكت عنه في النهار ويسكت عنها في الليل. حملت برسيمها وغادرته فوق الحجيرة يتابع صعودها ويردد» يا ونتي ونّة غرير ما قل يابه. شلّت أمه به ومات آب. يوقف على السدة يقل للناس عمعم«. لحق بها، كانت وحيدة أمها الأرملة، ومطلقة من زوج سابق، طلب من الأم تزبط الدلة لأنه يبغاها في كلمة رأس. جاءت الدلة ومعها المقسوم، تشاغلت الصبية بتوزيع العلفة على الحلال، ارتشف رشفة من الفنجال وقال» علومنا خير والصلاة على النبي، أنا رجال ودي بأنثى، وبنتك مطلقة لها سنتين وما غير إنتي وهي في البيت. وإنتي حرمة فطينة، والماء ما تجحده الطينة، وأنا لفيتك ونخيتك تزوجينيها على سنة الله ورسوله، وعفاك. ردت (الله يغرم عليك بخير. سالم وغانم، من جهة ملفاك، حياك الله، لحاجة ولغير، أما البنت فهي من أنداد بناتك، وإنته ما عاد إلا تلجق الماء، وفين أغدي وجهي من حرمتك وعيالك)، خرج من عندها يفتّل شواربه ويردد «والله يالسفسوفة ما تحب الدندون ما تحب إلا سفسوف كماها». علمي وسلامتكم.