Mayk_O_O@ كل عملٍ فني غير تعليمي هو فن جيد، هذه القاعدة لا بد أن يعيها أي مؤلف في الوطن العربي؛ سواء قاص أو روائي أو مسرحي أو سيناريست، لأن الفن التعليمي الموجه فن ثقيل بحمولاته الآيدولوجية والسياسية والثقافية على النفس وعلى الفن أيضا، فالفن يهدف إلى الفائدة والمتعة معا، وإن كنت أرى أن المتعة من أعظم فوائد الفن، أما صديقنا القديم أرسطو فيرى أن هدف الفن التطهير، لذا نشأت المسارح في كنف دور العبادة منذ أول التاريخ، حيث يتصارع الخير مع الشر على خشبة المسرح فينتصر الخير بكل سذاجة. وإن كان هذا أمرا مقبولا في العصور القديمة فهو أمر لا نتوقعه من الفن الحديث على نحو مباشر على الأقل. هذه الفكرة كانت مسّلمة لدي قبل أن أتابع مسلسل (حياة ثانية) للسيناريست علاء حمزة، الذي قدم الشر في صورة شيطان بشري واضح، وقدم الخير في صورة أم تدافع عن بناتها.. يا للبساطة وذكاء التنفيذ. لقد كتب علاء حمزة هذه المرة قصة شديدة التعقيد في بساطتها. قصة مباشرة تشبه الحكايات الأسطورية عن الشاة التي خرجت من البيت وأوصت بناتها أن لا يفتحن الباب للذئب. المسلسل ببساطة يقول إن روائيا سعوديا شابا اسمه سلطان بعث بقصته للناشرة والروائية الكويتية الكبيرة مشاعل التي لم تجد روايته صالحة للنشر. فعاش سنوات يحيك قصة انتقام للإيقاع بالروائية وتحطيم بناتها. وفي الحلقة الأخيرة تنتصر الروائية الأم وتخرج من مستشفى المجانين ويصاب البطل الشرير بالسرطان فيحاول الانتحار لكنه يسمع الأذان فيستغفر ربه ويتوب ويتذكر أن هناك «حياة ثانية».. يا للبساطة والمباشرة! لكنها مباشرة مقبولة وتشفي غليل المشاهد. وإن كان المطلعون على كواليس العمل يؤكدون أن النهاية لم تكن بهذه المباشرة كما وضعها السيناريست علاء حمزة، ففي النسخة الأصلية قبل تعديل المخرج يقوم البطل سلطان باختطاف بنات الروائية مشاعل ويطالبها بإعادة كل حقوقه أو أنه سيفجر القنبلة التي وضعها حول البنات.. وهذا الفعل التدميري من وجهة نظري أكثر اتساقا مع شخصية سلطان الانتقامية.. لكن المخرج أراد أن يدغدغ عواطف المشاهد الدينية، كما أنه في النسخة الأصلية يدخل سلطان السجن ويقتل أحد أعوانه «سعود» الذي قتله المخرج في الحلقة الأخيرة دون مبرر واضح! حظى المسلسل بمشاهدات عالية، وكان المتابعون يستخلصون الحكم من كل حلقة حتى أن أحدهم غرّد: سأطيع أمي حتى لو جُنّت! عمل رائع هو في ظني درة تاج أعمال السيناريست السعودي علاء حمزة.. الذي سيجعلنا نترقب جديده وهو صاحب التجربة الطويلة نسبيا والناجحة في كثير من منعطفاتها، حيث يعمل بهدوء وتؤدة خارج الشللية وتبادل المنافع. [email protected]