انتقل إلى رحمة الله تعالى العم الفاضل عبدالعزيز جمجوم قبل أيام، وكان رحمه الله صاحب نفس صافية، ووضوح وجرأة في الحق، فهو ينتمي إلى جيل الرواد الذين اتسموا جميعا بالرجولة بمعناها الحقيقي من الخلق والصلابة والمساهمة في بناء الوطن بحب ومسؤولية. وشغل رحمه الله خلال حياته العملية مناصب كثيرة في الدولة، وكانت له بصمة مميزة في مصلحة الزكاة والدخل، وهو من دعائم تأسيسها وتطويرها، وله في ذلك مؤلف مفيد بعنوان (الزكاة في الميزان). وكان رحمه الله يتميز بشبكة علاقات اجتماعية ممتدة إلى مختلف شرائح ومناطق المملكة، فقد كان ناراً على علم، ولا يبخل في السعي لمصالح الناس، وبذل وجاهته في ذلك، وقد كان له أسلوبه الخاص الذي لا يحسنه غيره، فجرأته كان منبعها حب الناس وقبولهم لتصرفاته، لعلمهم بصفاء طويته، وأصله الطيب. وقد ابتلي خلال السنوات الأخيرة بفقد أخيه الشقيق الدكتور عدنان جمجوم رحمه الله -الذي كان بمنزلة الابن البكر له- في أوج عطائه، فاحتسب وصبر وتحمل تبعات المسؤولية بجلد، ثم جاء فقدانه لابنه النسمة الألمعي المتفوق عبدالرؤوف عبدالعزيز جمجوم، فتمثل صبر المؤمن، ولم تمهله الأقدار حتى فقد ابنه الغالي إياد عبدالعزيز جمجوم رحمه الله الذي كان مميزا في جيله، فصبر واحتسب، وابتلي في بعض ماله، فلم يبال، وكان كما عرفناه مؤمنا صابرا كصخرة من الرجولة تتكسر عليها مصاعب الحياة وهي ضاربة في الأرض، وتقبَّل كل ذلك بإيمان وتسليم ورضا قل ما تشهده في هذا الزمان. أسأل الله له الرحمة والمغفرة، وأن يطرح البركة في أبنائه فيكونون فروعا مثمرة لهذه الشجرة الأصيلة، وأن يوفقهم ليذكروه بخالص الدعاء، فقد كان محبا لهم، ويذود عنهم على مر السنين كما يذود الليث عن أشباله. نعم على ذلك نشهد، فقد زامل الوالد رحمهما الله، والخال العزيز صالح كامل حفظه الله سنوات طويلة، امتدت منذ أيام الدراسة، وكان لي شخصيا -ولازال والحمد لله- رباط أشرُفُ به بأبنائه الكرام.وفي آخر لقاء لي معه ذكرني بأنه كان السبب في زواج والدي بوالدتي، وأن له علي وإخوتي حقوقا، فابتسمت وقلت له: «ان هذا شرف لنا يا عم عبدالعزيز». رحمه الله وطيب ثراه وتغمده بواسع مغفرته ورضوانه وخلفه خيرا في أهله وماله وولده. [email protected]