في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر جمادى الاولى كنت اتابع بحزن خبر وفاة عدد كبير من ركاب حافلة زوار مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام اثر رجوعهم الى الاحساء، وقد تكدرت لهذا المصاب من جهة كبر العدد وما تضمنه من اطفال ونساء، نسأل الله لموتى المسلمين المغفرة. وقد ظننت ان هذا اليوم الصيفي قد انتهت احزانه، الى ان وصلني خبر من مسئول اعلامي يعلمني بوفاة الابن الثاني لسمو سيدي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وهو ابنه احمد، فأصبحت في هول الفاجعة اردد لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عدة مرات من غير شعور، وقد كنت خلال فترة اعلامي اتابع برنامجا في التلفزيون عن بناء وتصميم المنزل، فقمت مغلقا الجهاز ومرددا ايضا : لدار الآخرة اولى وأبقى. فسبحان الله العظيم، كيف يبتلى المؤمن؟ وكيف تقاس درجة ثباته ويقينه عند المصائب والمحن؟ بالامس القريب وعندما كنت خارج الوطن ابلغت عن طريق مسئول اعلامي بنبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رحمة الله عليه ، وقد كدر الخبر صفوة الخلوة أثناء الرحلة العلمية، الا ان ارادة العزيز الحكيم فوق كل شيء، وقد تابعنا الازمة والحزن لحظة بلحظة مع الوالد سمو سيدي الامير سلمان حفظه الله وألهمه الصبر والسلوان الى ان انقشعت فترة الايام الاولى وعاد حفظه الله الى مقر عمله وكله ثبات وايمان. ويتكرر الموقف مرة اخرى مع الابن الثاني الذي حمله مسئولية اعلامية عبر اشرافه المباشر على الشركة السعودية للنشر والتوزيع، وعلى عدد من الصحف والمجلات التابعة لها كجريدة "الشرق الاوسط" و"الاقتصادية" وغيرهما، فسبحان الله يهب ويأخذ. ولعل هول الفاجعة تحجم احيانا القلم عن الكتابة بشكل سوي لكون الفكر يطوف في تلك اللحظة مع الفراق والحزن والتغييب متخيلا هولها على والدته أم فهد أطال الله في عمرها وألهمها الصبر والسلوان ، وقد سبحت في حينها مع مخيلتي في موقفين مؤلمين لامهات من اقارب المسلمين فقدن اعز ما يملكن الواحد تلو الآخر ولكنهن صبرن على قضاء الله وقدره لعلمهن ان ما أراده فسيكون ، واننا مهما كبرنا مع ابنائنا وحلمنا معهم وتمنينا لهم ان يكونوا، الا ان غيب الله عز وجل مغيب عنا ولا نستطيع الغور فيه، ولذا يختار العزيز الحكيم بعضا من المؤمنين والمؤمنات ليبتليهم بأحب ما يملكون الا وهو ابناؤهم فلذات اكبادهم ليختبر ايمانهم وصدقهم مع الله تعالى، فهل هم يصبرون ويحتسبون لرؤيتهم في دار الخلود والبقاء الابدي، ام انهم يتضجرون ولا يحتسبون؟ وكلنا كمواطنين ومواطنات كبارا وصغارا نشاطر الاسرة المالكة الكريمة الألم والحزن على فقد شاب بار من ابناء هذا الوطن الغالي قدم اعمالا خيرية عديدة في مجال المعوقين والبر الشيء الكثير الا اننا نحتسبه عند الله تعالى ابنا صالحا بارا لوالديه واهله ولبنيه ولاسرته الكريمة ارتحل عنا من دار الفناء الى موقع آخر افضل مما نحن فيه حيث لا نكد ولا سأم ولا ضجر ولا ملل، واننا لنحتسبه عند الله تعالى وندعو له بالرحمة والمغفرة، وكما جمعنا واياه في دار الفناء ان يجمعنا واياه في جنة عرضها السماوات والارض انه ولي ذلك والقادر عليه، ولعلي ازيد ايضا فأقول: ان نبأ وفاتك يا احمد علينا كالحريق. وان غيابك عنا قد ألهب. كما ان بعدك عنا أليم. ولكن ربك بعباده حكيم. فسبحان من بيده التصريف. وسبحان من بيده التثبيت. هو المعطي وهو الآخذ. فكما أخذت اعطنا الحلم والأناة. الهنا رفعنا لك الأكف. وذرفت لمصابنا الأعين. فأرحم اللهم عبدك احمد. وثبت والديه اليوم وغدا. فأنت المقصود وأنت المبتغى.