منذ الإعلان عن طرح أسهم أرامكو للبيع وحتى اختيار مستشار عملية البيع مؤخرا، لم نعرف ما هو المطروح للبيع بالتحديد، ولم تتفضل أرامكو بالتوضيح، قيل بداية أن 5% فقط من قيمة أرامكو السوقية ستطرح للبيع مع عدم تبيان هذه القيمة سواء السوقية أو الدفترية، ثم قيل بل كل عام 5% حتى تصل النسبة إلى 49% وهو أمر مستبعد، وقيل بيع للامتياز ولم يحدد هذا الامتياز، وإن كان حقا تبقى له 25 عاما، فلم الاستعجال، وقيل سيشمل البيع احتياطنا من النفط بباطن الأرض، وحتى هذا لم يحدد بالضبط في ظل اختلاف التقديرات بين مختلف المصادر، آخر وليس أخيرا، ما حقيقة ما يشاع عن المعادلة الحسابية التي يراد تصحيحها بين ضرائب تدفعها أرامكو وأتعاب تأخذها؟ في غياب المعلومة من مصدرها تشيع الأقاويل وتنطلق الشائعات، والأمل أن توضح أرامكو كل هذا منعا للبلبلة وتثبيتا للشفافية. الشركة فيما نعرف مملوكة بالكامل للحكومة، لذا فالحديث عن ضرائب وأتعاب مستغرب هنا، وأثار تساؤل كثيرين، فعلى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، كما أشار الدكتور عبد الله الفوزان (الرياض، 15 فبراير) الرد على حقيقة ما يقال عن دفع أرامكو 75% فقط من دخلها للحكومة في شكل ضرائب، والباقي تعتبره أتعابا. بعيدا عن كل هذا، إعلان رئيس أرامكو أن قيمتها السوقية حوالى ترليوني دولار يوحي بأن الامتياز يشمل عمليات الاستكشاف والاستخراج والتسويق ومنصات التكرير، وهذه جميعها لن تزيد قيمها بحال عن 500 مليار دولار، ما يرفع القيمة للترليونات هو الاحتياط، فهل يا معالي رئيس أرامكو، دحضا للشائعات، سنطرح الاحتياط أيضا للاكتتاب؟ مرة أخرى بعيدا عن كل هذا، كل الشركات، حتى الحكومية، لها ميزانيات معلنة، ولو طلبنا من أرامكو، بحق الملكية، أن تعلن ميزانيتها، دحضا للشائعات، لتجلت أمور كثيرة، ولعرفنا ماذا سنبيع وماذا سنبقي. المواطن العادي يمكنه أن يفهم ويتفهم إذا خرج من يشرح له، ليطمئن على أكبر شركاته الوطنية، بل أكبر شركة عالمية في مجالها تتحكم في أكبر احتياطي عالمي، ولا يمكن لهذا المواطن العادي أن يصدق أن شركة بهذه الضخامة تعمل بدون ميزانية، إذن فالمطلوب يسير فقط، إعلان هذه الميزانية. للمرة الثالثة بعيدا عن كل هذا، هل نحن إزاء مقايضة بين أرامكو والصندوق السيادي، إن كان هذا خيارنا فلا بأس، يمكننا التعامل معه، إنما بداية تلزمنا عدة خطوات لكمال الاستفادة منه، فوضع تسعة عصافير في اليد يساعد في تعويض العاشر على الشجرة، من هذه الخطوات تحديد زمان ومكان امتياز أرامكو، وهذا بدوره سيحدد احتياطها، وسيتيح بيع امتيازات أخرى في باقي مناطق المملكة، فصل باقي المصادر المعدنية والثروات الطبيعية عن النفط وعن شركة أرامكو، وفصل مشاريع الطاقة المتجددة عنهما، يمكننا فعل كل ذلك بدون تقسيم وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، الوزارة ذاتها يمكنها فعل ذلك، ويمكنها البدء بأرامكو.