ثمة مشاهير ظهروا على السطح فجأة دون أي رصيد أو قاعدة قوية يقفون عليها، ربما خدمتهم الظروف، لكن استمرارهم لن يدوم طويلا، فكما جاءوا سريعا، سيرحلون بطريقة أسرع، فالشهرة التي تأتي بلا أساس رصين، ولا تبث في الشهير الثقة في نفسه وتحفزه لتطوير قدراته، وتجعله يدرك الميزات التي يتمتع بها، تتحول بمرور الأيام إلى وبال عليه، وسيسقط دون أي مقدمات، وسيجد نفسه يتخبط ولا يعرف ما يفعل! وسيغلب على محتواه السخف، وسيكتشف الناس أنه لا يتمتع بأي رصيد أو قدرات تؤهله ليتبوأ المكان الذي وصل إليه. الشهرة إن جاءت من أجل عمل نبيل لم يكن الهدف من ورائه المصلحة الشخصية، أو إيذاء الآخرين، فإنها ستدعم صاحبها وتدفعه للأمام، وتنقله إلى عالم التألق والإبداع.. المشاهير الحقيقيون هم الذين ينتزعون إعجاب الآخرين، دون تخطيط أو تحضير مسبق، معتمدين في ذلك على قدراتهم ومواهبهم، ونبلهم أيضا، والشهير الحقيقي هو الذي يعرفه الناس بالخير والإنجاز والنجاح وخدمة الآخرين، وما قدم لأمته من أعمال وخدمات، خصوصا إذا ما عرفنا أن هناك كثيرين اشتهروا بالإسفاف والسخف ولم ينجزوا ما يخدم الآخرين ومجتمعهم. المشاهير الحقيقيون والشخصيات الاجتماعية المؤثرة هم من يدركون أنهم قدوات، ويتابعهم الكثيرون من الصغار والمراهقين، وهم يعرفون المسؤولية الجسيمة التي تقع على عواتقهم، فيحرصون على الظهور بالطريق المشرفة، ولا أنسى موقفا لأحد المشاهير الحقيقيين وهو لاعب كرة قدم أوروبي (معروف) حين صوبت عليه الكاميرات، فألقى سريعا السيجارة التي كانت في يده، حتى لا يظهر أمام الآخرين وهو يدخن، وحين سئل عن ذلك، رد بأنه يحرص على الظهور بشخصية مثالية، ومنها عدم تعاطيه السجائر، خشية أن يتأثر به محبوه الصغار، ويعتقدون أن التدخين من التصرفات المحمودة، وبذلك يصبح قدوة سلبية وضارة وليست إيجابية، ذلك اللاعب انتزع إعجابي وأدركت أنه شهير حقيقي يدرك مسؤوليته تجاه مجتمعه، وليس أولئك الذين خرجوا لنا فجأة وأصبحوا مشاهير في غفلة من الزمن، ولا يتورعون عن الإقدام على أي تصرف سلبي أمام الآخرين، وربما يتعمدون تصوير مقاطع تنقل سخافتهم وتجاوزاتهم، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تترك شاردة أو واردة دون أن تتناولها. والشهير الحقيقي هو الذي يضع هم مجتمعه نصب عينيه، فتراه يسهم في مساعدة المحتاجين، وليس شرطا أن تكون تلك المساعدة مادية، الشخصيات الاجتماعية المؤثرة تلك التي تخصص جزءا من وقتها وجهدها ومالها للآخرين، وتشارك مجتمعها همه، فلولا المعجبون والمتابعون، لما وصل الشهير للمكانة التي وصل إليها. لذا يجب على كل من ساقته الظروف إلى منصة الشهرة، أن يدرك المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويوظفها بطريقة صحيحة، ويضع مجتمعه نصب عينيه، بدلا من استغلالها بطريقة خاطئة، وتؤثر سلبا على معجبيه خصوصا النشء. [email protected]