لا يمكن لأي عاقل أن يغفل مدى الترابط الوثيق بين اليمن والمملكة العربية السعودية، جغرافيا واجتماعيا، ومن يقدم على ذلك إما جاهل أو حاقد.ويتجسد هذا الترابط اليوم في الهبة والوقفة التي قامت بها المملكة تجاه اليمن، لصد محاولة البطش الإيرانية باليمن، عبر ميليشيات الحوثي وصالح، عندما كان الوضع صعبا، خلال المرحلة الانتقالية، التي تلت التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإقرار مخرجات الحوار الوطني الشامل، رغم أن الانقلاب الذي قاده الحوثي وصالح وما سبقه وما تلاه ويحدث اليوم، يثبت بجلاء أن الأمر دبر بليل ومن سنوات طويلة وإيران تتوغل في اليمن، ويتضح أن هذا التوغل كان بموافقة وتسهيل رسمي من النظام الحاكم هناك، والهدف، كل الهدف، هو استهداف المملكة العربية السعودية في أمنها واستقرارها، عبر تحويل اليمن إلى منطقة ومنطلق للإضرار بالأشقاء والجيران. إن مواقف الأشقاء في المملكة العربية السعودية تجاهنا في اليمن، ليست جديدة أو غريبة إلا على الجاحدين، وإزاء هذه المواقف لا يسعنا في اليمن، حكومة وشعبا، إلا أن نسجل شكرنا العميق للمملكة وقيادتها، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وولي ولي العهد، لوقوفهم إلى جانبنا ومساندتنا، وهو جميل لن ننساه، وتاريخ المملكة، بدون شك، حافل بالشهامة والنبل والوفاء تجاه الأمة العربية والإسلامية. إن علاقة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، حفظه الله، بالمملكة أمر أخوي واضح وجلي، وهو دائما ما يؤكد، في كل مناسبة ومنذ وقت طويل، على متانة العلاقة مع أشقائه في المملكة، ولا يغفل التعبير الدائم عن التقدير للمملكة حكومة وشعبا وأرضا، ويؤكد على مبادلة الوفاء بالوفاء. ولعل الزيارة الأخيرة لفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، حفظه الله، إلى الرياض ومباحثاته التي أجراها، هي جزء من تأكيد المؤكد في علاقة اليمن والسعودية والعلاقة القوية التي تربط الرئيس هادي بخادم الحرمين. وأتذكر هنا المقولة الشهيرة لوزير الخارجية السعودي الراحل، الأمير سعود الفيصل عندما تحدث عن اليمن والسعودية وقال إن «الدم واحد والشعب واحد والعادات والتقاليد واحدة».. ولعل جزءا من القضايا المشتركة والمصيرية، حاليا، هو إنهاء الانقلاب وقطع دابره ودابر الجهات الخبيثة التي تقف وراءه والتي لا تريد خيرا لليمن أو المملكة العربية السعودية، بل لدول المنطقة برمتها. إن منطقتنا تمر بمرحلة من أخطر المراحل في تاريخها، فقد تطور الصراع وبات علنيا، بل يمكن القول إنه بات حربا، ولم يعد صراعا تقليديا، فنحن نخوض صراعا مع القوى الإرهابية، وأيضا مع قوى أخرى لديها أحلام قديمة وتريد استعادة إمبراطورية مندثرة، ولكن بلبوس الدين والفتن المذهبية والطائفية. وهذا الصراع يحتم على الأشقاء في دول المنطقة النظر إليه وإلى أبعاده، خاصة أن المنطقة تحت أنظار العالم أجمع، جراء ما يعرفه الجميع من تداعيات أمنية وحروب، كان، وما زال، لبعض دول المنطقة دور فيها وفي تدمير عدد من الأوطان والسعي إلى تدمير ما تبقى. وفي هذا الصدد، تظل العلاقات اليمنية - السعودية أحد أبرز جسور العبور نحو مواجهة هذا التمدد، وأبرز المشاهد الحية للتكاتف الحقيقي على الأرض، والذي يتمثل في مقارعة الانقلاب الذي حدث في اليمن. لكن ولله الحمد، فإنه على وشك أن يزول، فالدولة اليمنية الشرعية باتت تسيطر على معظم أراضي البلاد، وقوات الجيش الوطني اليمني بدعم كبير من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، باتت تحقق تقدما نوعيا في عدد من الجبهات، كما يتابع الكثير منكم الأخبار والأنباء الواردة من المخا وميدي والساحل الغربي عموما، وكذا معقل الحوثيين صعدة وفي نهم على مشارف العاصمة صنعاء، التي ستعود، بإذن الله، عما قريب إلى أحضان الشرعية. وبالعودة إلى الحديث عن الدعم السعودي، فلا يمكن لي شخصيا أن أعدد، في هذه العجالة، المواقف الإنسانية للمملكة ولملك الحزم، حفظه الله، ولمن لا يعرف، فقد استوعبت المملكة أكثر من 560 ألف يمني وسمحت لهم بالعمل، لتتجاوز العمالة اليمنية أكثر من مليوني مواطن يمني، بينهم فارون من نيران الانقلاب وآثاره التي امتدت على كافة اليمن واليمنيين، هذا عوضا عن الدعم السخي واللا محدود للمشاريع الخدمية ومساندة الدولة اليمنية للوقوف على قدميها مجددا، إلى جانب المواقف العظيمة والخدمات الإنسانية الجليلة لمركز الملك سلمان للإغاثة، في إغاثة اليمنيين في هذه الظروف شديدة التعقيد من تاريخنا، الذي نناضل فيه للقضاء على أذيال الإمامة البائدة، أزلام إيران، الذين أتوا بفكر يحاولون فيه إيجاد شرخ في المجتمع اليمني، وأدى انقلابهم إلى مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف وتجويع الملايين وإلى اعتقال أكثر من عشرة الآف ناشط سياسي وحقوقي في سجون الميليشيات المظلمة. وفي هذه الظلمة، برزت مواقف المملكة وهو ما نجدد القول بشأنه إن اليمنيين لن ينسوا، جيلا بعد جيل، ما قامت به المملكة تجاه اليمن. حفظ الله المملكة وملكها وقيادتها وشعبها العربي الأصيل. *وزير الإعلام اليمني