alokemeabdualrh @ حين يموت شاعر تنطفئ أغنية في العتمة.. وتذوي سنبلة في حقل يتيم.. حين يموت شاعر تنحني هامات النخيل وتنام عذوقها بلا رطب.. حين يرحل شاعر عن عالمنا يجف نهر من الضوء وتغفو القصائد بلا روي غرثى من كل شيء.. وخلال الأشهر القليلة الماضية ودعنا عددا من أبرز شعراء القصيدة النبطية وكذلك شعراء المحاورة.. رحلوا والقصائد معلقة في أعناق الشعر عالية.. رحلوا وما زال في الشعر متسع للبوح والصهيل معا.. حيث رحل الشاعر أحمد الناصر الشايع، ورحل شاعر المحاورة جارالله السواط، ورحل الشاعر عبدالله بن شايق، ورحل الشاعر الكبير سعد بن جدلان وأخيرا ودعنا الشاعر العذب مساعد الرشيدي.. ورغم تباين واختلاف تجارب هؤلاء الشعراء إلا إنهم يمثلون القصيدة النبطية؛ سواء كشعراء نظم أو شعراء محاورة.. وحفروا أسماءهم وصورهم وقصائدهم في ذاكرة الجماهير وشكلوا تجارب متباينة تختلف في مستوياتها لكنها تتفق على حضور الشعر والإبداع.. وليس ثمة شك أن غيابهم عن المشهد الإبداعي اليوم يترك تأثيراته الكبيرة على القصيدة بوجه عام. فتنوعت أغراض الشعر في قصائدهم وتنوعت بين الوجد والغزل والحكمة والمدح، وحملت البعد الإنساني والاجتماعي والعديد من القيم النبيلة. يقول الشاعر عبدالله بن شايق يرحمه الله: الأجواد واجد والمراجل لها كساب= لكن واعد العشرة ليا صرت جمالي يطير الشرار وكل نارٍ لها شباب = ومن ولع النيران يصبر على الصالي إلى أن يقول: صديق الشدايد ما خذا منك علم وجاب = وسيع الصدر يضحك ولا هو بزعالي صديق الشدايد لا ينافق ولا يغتاب = يدله غريب الدار ويزين الجالي أما الراحل الشاعر أحمد الناصر الشايع فيشدو بقصيدة سامرية معروفة يرحمه الله: البارحة يوم العباد رقود النوم ما يطري على بالي مجروح روحي خاطري ملهود يا ناس خلوني على فالي ويبرز الشاعر سعد بن جدلان يرحمه الله في تجربة مغايرة ومختلفة شاعر عميق صارت قصائده محفوظة يرددها محبوه في المملكة والخليج العربي.. يقول:ودّنا بالطيب بس الدهر جحّاد طيب كل ما تخلص مع الناس كنك تغشها يدك لامدت وفا لا تحرى وش تجيب كان جاتك سالمه حب يدك وخشها ويقول في قصيدة أخرى: ما دريت ان ضحكة الوقت خداعه شفت مدخالي ولا شفت مطلاعي لا بغيت اسج والا انبسط ساعه دق قلبي من ورى حدب الاضلاعي ورحل الشاعر والكاتب محمد النفيعي -يرحمه الله- الذي وصف بشاعر البسطاء، رحل محاطا بوجع المرحلة وقسوة المرض الذي داهم قلبه النقي ولم يرحم شاعريته العذبة فرحل مودعا بالقصيدة وعزاء المحبين يقول: من يعرف جروح المسا والشمس في حضن الزوال؟ غير الكثير من النسا وغير القليل من الرجال الله.. يا كبر الاسى لا قالت "الفرقا": تعال وقبله بأيام قليلة رحل الشاعر الكبير رشيد الزلامي وهو الذي كتب آخر قصيدة له عن الموت يقول فيها: الموت لك هيبة تهز السلاطين ولك حزة ما تدري الناس عنها لك ضربة تقطع احبال الشرايين ولك طعنة ما غيرك الي طعنها كذلك الموت لم يمهل الشاعر مساعد الرشيدي -يرحمه الله- أحد أهم المجددين في القصيدة النبطية الحديثة، بعد معاناة مع المرض وارتحلت قصائد مساعد في حناجر المطربين مثل عبدالمجيد عبدالله الذي غنى له قصيدة: عين تشربك شوف وكذلك محمد عبده وغيرهما من الفنانين، وشكل مساعد الرشيدي مع نايف صقر وسليمان المانع وفهد عافت في فترة التسعينات الميلادية وما بعدها، حضورا كبيرا، وساهم ومعه رفاقه المبدعون في كتابة نص نبطي جديد بلغة ليست تقليدية ورسموا صورا جديدة في بنية القصيدة النبطية.. رحل تاركا خلفه إرثا شعريا كبيرا يقول في إحدى قصائده: في زمان كنه البرد شبيت القصيد قلت ابدفا والليالي تموت ببردها إلى أن يقول : والله اني ما اتنازل ولي رأي عنيد لين اداعب غرة الشمس والثم خدها وأخيرا، وإن رحلت أعمدة القصيدة النبطية فتظل القصيدة حاضرة على نجوم آخرين ما زالوا يكتبونها باتجاهات جديدة.. وما زالت الساحة الإبداعية موعودة بولادة شعراء آخرين قادرين على رفع أعمدة القصيدة النبطية، وما زال في الدرب متسع للقصيدة.