برحيل مساعد الرشيدي، تفقد السعودية رمزاً من أيقونات الشعر والكلمة. التحق بدار الخلود مع المبدعين الكبار، من الذين يمرّون خفافاً على الرمل، تهب نسائم أدبهم حتى يقال لا تنقطع، غير أن المنايا هي الحتف... هي نقطة الاكتمال للمنجز الفني والشعري. وعلاوةً على كونه شاعراً، فهو إنسان حي، تسربل بخلق رفيع، حتى نعاه كل السعوديين، لكأنه نخلة باسقة لها طلع نضيد، تغفر وتسمح بسمو وعلو. فضل سيف العشق على كل الأسلحة، لأنه أحب الفرح وتعلق بالحياة. احتوى شعره على صور نادرة لم يسبق إليها كما يقول رفيق دربه، بدر بن عبدالمحسن، الذي لم تأخذه نشوة المنافسة لعدم الاعتراف بالآخرين، حتى بلغ البدر من ولعه بشعر مساعد أن وصفه، بأفضل شاعر بالنسبة إليه. إنه مثل المهاجم البارع في كرة القدم، مع كل تمرين يؤدي حركة تسحر ألباب زملائه ومنافسيه، له طريقته الخاصة في تسديد الأهداف، هكذا كان مساعد الرشيدي، صمد حتى آخر أيامه، وكأنه يستذكر قصيدته «الليالي تموت ببردها»: في زمان كنه البرد.. شبيت القصيد قلت ابدفا والليالي تموت ببردها في طريق كنه الموت والحالي وحيد قلت ابحيا والمنايا تبوح بسدها أتقارب هقوة العمر لو كانت بعيد واتغنى بالمقابيل واخطب ودها. رحم الله أبا فيصل، وأسكنه فسيح جناته.