ما إن أقفل الأهلي موسمه الاستثنائي بأبهى حلّة متوجا بأغلى الكؤوس والألقاب إلا وتباهى الأهلاويون واعترف غيرهم أن «الملكي» سيفرد سطوته الكروية لسنوات قادمة، خصوصا أنه يملك كل مقومات التباهي ومواصلة الحضور. الاستقرار والمدرب الداهية واللاعبون أصحاب المواصفات المميزة، مع جمهور مجنون استحق أن يُروى عطشه الممتد لسنين. انتهى الموسم الذهبي، ومعه انطلقت أولى صافرات الإنذار بإعلان الداهية الأصلع السويسري جروس نهاية مسيرته مع الراقي دون ذكر الأسباب الواضحة إن كانت نفسية أو مادية لتبدأ بعثرة الأوراق. لم يكد الشارع الأخضر يستفيق من صدمة «جروس»، إلا تضربه صفقة أسامة هوساوي الموقعة لصالح الهلال وهو الدعامة الأساسية لدفاع الأهلي وأحد أركان التفوق التي كان ينبغي المحاربة للحفاظ عليها، لكن إصرار اللاعب حال دون ذلك. ومع الرحيل لم يتحرك المسؤولون حتى للتعويض ببديل يملك نفس «الخامة». يتعاقد الأهلي بعدها مع المدرب الأكثر حضورا بعد جروس، ليأتي الأنيق مظهرا البرتغالي قوميز حاملا لفكر وخطط أثبتت مع توالي مشواره أنها تخالف منهج البطل، والطريقة التي شربها اللاعبون من النهر السويسري. ضربة ثالثة كانت باستقالة الرئيس الذهبي مساعد الزويهري لأسباب معروفة لدى المتعمقين في الشأن الأهلاوي، وأبطالها أيضا معروفون، يتبعها رحيل الإداري المحنك طارق كيال لمهمة وطنية، وكل ما سبق أوصل إلى أن الفريق البطل تخبّط فنيا وإداريا مع بداية موسم كان المرشح الأول لبطولته. حلول سريعة تسارع لإنقاد الفريق من حالة فوضى بتسليم الخلوق أحمد المرزوقي سدة الرئاسة تبعها بعد أربع جولات حملت ضياع الهوية بتوقيع «جوميز» الاستنجاد بأول من رحلوا من العقد الذهبي.يحضر جروس من جديد ويحاول استعادة فريقه الفتاك، ونفض الغبار الذي اعترى تشكيلته من سابقه. وفي خطوات الاستعادة يتجرع الهزيمة الوحيدة ومن ثم ينطلق بثوب اللاهزيمة الذي فصله للأهلي الموسم الماضي وشابته بقعة وحيدة في مشوار الدوري. الرئيس لا يختلف عن سابقه خلقا ومثالية، بل ربما يتفوق في جانب الخبرة والإدارة. المدرب الجديد هو نفسه عراب الدوري الذي حصد أفضل النتائج وها هو يسير بالفريق للمقدمة وإن كانت القوة ليست كالماضي. الفاصل بين الاستقرار والشتات يكمن في لاعبين أغلبهم حمل بطولات الموسم الماضي، وبعضهم رحل وقليلهم حضر ليكون دعامة بديلة. نقاط القوة عمر السومة هداف الفريق لموسمين يحافظ على رتبته ويواصل الحضور بصدارة الهدافين ب16 هدفا، ويعد الفارق الأبرز ضمن تشكيلة جروس.الوسط الهجومي في الأهلي والذي يعج بأسماء مؤثرة كقائد الفريق تيسير الجاسم والمحترف اليوناني فيتفا والإضافة الفنية المتمثلة بعبدالفتاح عسيري. الجهة الخلفية اليسرى يوجود عبدالشافي وحتى بديله منصور الحربي واللذان يشكلان قوتين دفاعية وهجومية في الوقت ذاته. نقاط الضعف لعل الأبرز فيها يكمن في المنطقة الدفاعية وتحديدا في ثلاثة مراكز حساسة على أي فريق..المحور الذي كان فيه البرازيلي كارلوس عبئا واضحا على الفرقة الخضراء، مع إصابة وليد باخشوين وعدم فاعلية فهد حمد. قلب الدفاع الفاقد للاكتمال في غالب مباريات الفريق نظير الإصابات المتناوبة بين معتز هوساوي ومحمد آل فتيل والضعف الواضح منذ رحيل أسامة وعدم تعويضه ببديل يحمل نفس الخبرة والقيمة. الظهير الأيمن يظل عالة مزمنة في الفريق بالرغم من عديد الانتدابات، فعقيل بلغيث وعلي الزبيدي وأمير كردي لم يستطع أي منهم ملء الخانة التي كانت في غالب المبارة مطمع الفرق المنافسة لضرب الفريق. ما يحتاجه الأهلي 1- الابتعاد عن المهاترات سواء تلك الإعلامية والتي حوّلت إعلام الأهلي إلى وعاء مشكلات، لا يعتمد عليه، هش في مضمونه، لا يدافع عن ناديه بقدر ما يتربص بشخصياته، يسيّر النقد بطريقة مزاجية خاطئة. 2- تقوية ما يستوجب تقويته من مراكز اللعب، فما ظهر سابقا وحتى وقتنا الحالي، عشوائية غالبة على معظم التعاقدات، وما دل على ذلك «جلوسهم الدائم» في دكة الاحتياط، أو محاولة التخلص منهم مع أقرب فترة انتقالات بعد صرف الملايين لانتدابهم، في إشارة واضحة إلى لا منهجية التعاقد. 3- لا يحتاج الفريق إلا للاعب أو لاعبين من الطراز الرفيع في منقطة الدفاع عبر القلب والظهير الأيمن فقط، فيما بقية المراكز تتميز بالكمالية والجودة متى ما كانت العناصر في يومها.