الببليوغرافي خالد اليوسف صدر له قبل أيام قليلة كتاب بعنوان «دهشة القصّ» وهو كتاب جمع فيه الباحث ما وصفه ب«أجمل الكتابات القصصية في القصة القصيرة جداً»، إضافة إلى تقديمه الأسماء التي اختارها لتكون شواهد على كتابه وتزكيتهم ب«جميع المشاركين رواد ومبدعين ومن لهم تاريخ طويل في كتابتها، وهم نماذج سعودية راقية»!. الكتاب صدر عن مجلة «الفيصل» في «164» صفحة من القطع المتوسط، وحمل عنوان «دهشة القصّ -القصّة القصيرة جداً في المملكة العربية السعودية»، وضمّ نصوصاً مختارة ل (35) قاصاً سعودياً وقاصّة، الكتاب يحمل رقم (14) ضمن الكتب التي دأبت المجلة على إصدارها مع كلّ عدد من أعدادها، وضمن جهود المجلة في إصدارات تهدف من خلالها إلى إثراء الساحة الثقافية السعودية والعربيّة بإلقاء الضوء على موضوعات جديدة ومتنوعة!. اليوسف وصف كتابه بأنه نصوص ودراسة ببليومترية وببلوغرافية، إلاّ أنّه لم يخف رأيه في القصّة القصيرة التي عرّفها بأنّها: فنّ لا يقبل تداخل الأشكال الأدبيّة، ولا يقبل إلاّ القصّة بأيّ صورة كانت. وبسط الأمر فأضاف أقصد بذلك الحجم، واستخدام المفردات، والجمل، والاستفادة من التقنيات الكتابيّة الحديثة والمتطورة، لونياً وبصرياً وصوتياً وحيوية لا تهدأ. وزاد على ذلك بأن قال: ويأتي هذا الكتاب ليبرز شكلاً وحجماً في كتابة القصة القصيرة اصطلح على تسميته بالقصة القصيرة جداً التي عرّفها بأنها: «الحدث + الحكاية + التكثيف + الدهشة + الصدمة + اللغة المجنحة + البلاغة بأرقى جمالها + التأويل + الفلسفة + الاقتصاد اللفظي الذي خصّه اليوسف بأن حدده ب 30- 50 كلمة»، وختم هذه المقدمة بأنه يأمل أن يكون قد وضع كتاباً يؤرخ للقصة القصيرة جداً في المملكة كتابة وإبداعاً، وبما أنّ هذا الأمل قد تجاوز أمل الباحث إلى خيبة القارئ، فسأورد بعض الملحوظات المختصرة التي وجدتُ (من خلال القراءة المتأنية للكتاب) أنّ المؤلف كان يخلط في كتابه بين علاقاته الشخصيّة بالأفراد وآرائه الإبداعية في النصوص، ويبرز هذا الحكم من خلال الأسماء التي كتبت القصّة القصيرة جداً في السعودية وتمّ تغييبها عن شواهد هذا الكتاب، إضافة إلى أنّ النصوص المختارة خرجت من رؤيتها الإبداعية إلى فضاء العلاقات الجامعة التي تبدو لدى المؤلّف أرحب وأشمل من فضاء النصّ الإبداعي! وكون هذه النصوص قد تمّت محاصرتها ب «أجمل» فإنّ الاحتكام إلى الشروط التي أوردها في مقدمة كتابه كافية لنسف نصوص كثيرة من باب «القصة القصيرة جداً»، مع الإشارة إلى شجاعته في التراجع عن «أجمل» إلى «من أجمل» بعد كتابة سريعة لبعض الملحوظات على الكتاب، وهذه حسنة كبيرة إلاّ أنها لا تُكفّر عن الخطأ وفداحته! إضافة إلى تزكيته لنصوصه وأنها تدخل ضمن «أجمل» في هذا الكتاب كافية لمؤاخذات منهجية للقارئ الفطن!.