أثمر صوت نسائي من القاعة المتاخمة لقاعة الرجال أمس الأول بنادي الطائف الأدبي في انتزاع حدث تاريخي في مسيرة الثقافة الإسلامية عموما ومسيرة الطائف تحديدا، بتحريك ثلاث جهات رسمية لإنقاذ ما تبقى من أقدم منارة ثقافية أدبية من صدر الإسلام متمثلة في مكتبة حبر الأمّة عبدالله بن عباس وما تحتفظ به بين جدرانها البالية من كتب ومخطوطات ومحفوظات ثمينة تشكّلت منها أولى لبنات الثقافة الإسلامية. وكان لمداخلة الدكتورة سميرة قاري الأستاذة بجامعة الطائف وهي ضيفة ورشة العمل لتاريخ ثقافة الطائف نصيب الأسد مما خرجت به الورشة وهي تسرد بألم وحرقة الحال المزرية للمكتبة وما وصلت إليه من أكوام الأتربة والأرفف القديمة وغياب حتى أهم مفاتيح حفظها وهي الفهرسة، إذ تعتمد على فهرسة عشوائية بصف العناوين العريضة للكتب بجانب بعضها البعض دون ترتيب أو مفاتيح بحث تسهّل للقارئ أو الزائر الوصول لما يريده، إذ وضعت كتب الحديث مع بعضها وكتب ومخطوطات الفقه مكوّمة مع بعض دون فهرسة والقانون كذلك واللغات الإنجليزية، رغم أنها كانت تحتفظ ب414 مخطوطة عربية وآيات قرآنية على صخريات قبل تنقيط حروف الهجاء مطالبة في الوقت نفسه بإعادة تأهيلها وإنقاذها وحفظ ما تبقى وأن تكون متحفا إسلاميا يدلف إليه كثير من المثقفين ومن ارتبطت ذاكرتهم بذلك المكان وعبق التاريخ والثقافه الأولى، وما أن انتهت حتى ارتجل أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري مطالبا مدير مركز تاريخ الطائف الدكتور عايض الزهراني بالوقوف عليها وإعداد تقرير عاجل لإرساله إليه لاستشعار أهمية إنقاذها كما حدث لمكتبة المدينةالمنورة وإنقاذها برعاية وجهود من أمير منطقة المدينة، مفيدا بأنه ستتم مخاطبة وزير الشؤون الإسلامية وأمير منطقة مكةالمكرمة بوضع مشروع يحفظ لهذه المكتبة قيمتها وأهميتها ويعيد رقمنة جميع ما تحتفظ به من كتب نادرة وقيّمة وإعادة المكتبه إلى عهدها السابق كمنارة مشعة. وما أن انتهى السماري من كلمته حتى ضجّت الصالتان بالتصفيق الحار شاكرين للدكتورة قاري اهتمامها. من جهته علّق الدكتور عبدالله الشريف مدير تاريخ مكةالمكرمة بأن مكتبة ابن عباس هي أول المحاور الرئيسية التي تشكلت منها الهوية الثقافية للمملكة عموما وللطائف تحديدا كثقافة إسلامية. رصد «عكاظ» «عكاظ» بدورها بادرت بجولة عاجلة في المكتبة والتقت أمينها طلال الحارثي، راصدة شح الكراسي، والأرفف الحديدية والخشبية القديمة والإضاءات الباهتة والمكيفات والنوافذ البالية، حتى إن وجود أسلاك الكهرباء وحناجير التمديدات على جوانب الجدران وجراكل الماء ذات اللون الأزرق القديمة تثير الشفقة.