رأيت مريضا نفسيا يجلس القرفصاء متألما في أحد الشوارع العشوائية في مدينتي، وكأن لسان حاله يقول: ينظرون إلي كتحفة مهملة في زاوية غرفة مظلمة، لا يستطيعون مد العون لي، لأنهم لا يرون سوى بقايا إنسان يجب عليه أن يعتمد على نفسه للخروج من الظلام إلى النور، ويتغلب ما هو عليه ويهمسون لبعضهم: هذا «مجنون». أتركوه لا يجب أن تتعاملوا معه سوف يؤذيكم ويأتي بالعار لكم بمجرد أن تنظروا إليه. مجتمعي العزيز متى ستتغير فكرتكم عني وتصنفونني ضمن الأمراض الأخرى التي يجب أن تعالج، حتى وإن كانت عاهة مستديمة، لماذا هذا الظلم والاضطهاد لي. لي الحق أن أتنفس هواء نقيا وطبيعيا مثلكم، بإمكانكم الاعتماد علي، لأكون شخصا منتجا لوطني ولنفسي ولأهلي ولمجتمعي ولكن أريد فرصة، انتهى ذلك الرجل من حديثه، وتمنيت أن نسعى لمد يد العون، وننتشله مما هو فيه. همسة أمل.. لا أنكر ولله الحمد لقد تغيرت فكرة المريض نفسيا كثيرا عن الماضي إلى وقتنا الحاضر، ولكن هذا لا يكفي.. ما زالت هناك فئة تخجل من مرضها، وليست لديها القوة والشجاعة بأن تقول أنا لدي مرض أو مريض نفسيا. وإذا سألتهم لماذا؟ قالوا خوفاً من نظرة المجتمع لي وقولهم إني مجنون أو هذا نفسية! قدموا يد العون لهم واجعلوهم فخورين بذواتهم لأنهم لم يختاروا مرضهم بأنفسهم، فما يعانون منه، مثله مثل سائر الأمراض الأخرى، السكري والضغط والقلب وغيرها من الأدواء التي تعالج بالمداومة على تناول العلاج اللازم لاستقرار حالته.