أكد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد عرفان أنه لا توجد إحصاءات رسمية للمرضى النفسيين في المملكة، لكن الوضع الطبي لهم بدأ يشهد تطوراً ملحوظاً، من خلال زيادة أعداد الكوادر الطبية السعودية في العيادات والمستشفيات الصحية، إضافة إلى توجّه الدولة المتسارع لإنشاء المستشفيات الخاصة وتوفير الأدوية الطبية اللازمة للمرضى النفسيين. وأضاف ل «الحياة»: «المملكة كانت تعاني في وقت سابق من ندرة في أعداد الأطباء النفسيين الذين لا تكاد تذكر لقلتها، فيما وصل الآن إلى أكثر من 280 استشارياً نفسياً يحملون شهادات عليا، ولا تزال النسبة مقارنة بين الأطباء الاختصاصيين وعدد السكان قليلة جداً»، مشيراً إلى أن الاكتئاب بأنواعه سيصبح المرض الأول عالمياً من ناحية ارتفاع كلفة علاجه وتحميل الدول أعباء على مستوى العالم في عام 2020 بعد أن كان يحتل المركز الثاني بعد مرض القلب. وذكر أن المرض النفسي له علاج، لكن تختلف كيفية علاجه من شخص إلى آخر، وتصل نسبة الشفاء فيه إلى 60 في المئة، إذ إن معظم من يعالجون يشفون بشكل سريع ومتدرج، بينما بعض الأمراض مثل الفصام فإن صاحبه يتحسن ويحتاج إلى دوام في العلاج. وأوضح أن جميع المستشفيات أصبحت فيها أقسام نفسية، وهي فكرة أثبتت نجاحها وخدمت المريض النفسي، وجعلته لا يحمل صفة الرفض من المجتمع، بل قادر على أن يعود لمجتمعه ويتلقى علاجه في المستشفيات القريبة منه، ويجب أن ندرك أن المريض النفسي ليس مجنوناً. وعن وجود نسبة رسمية للمرضى النفسيين في المملكة، قال: «هذا الأمر يؤخذ نسبة وتناسباً، فلو جمعنا الأمراض جميعها الأمراض الذهنية وأمراض الأطفال النفسية قد تصل إلى أكثر من 10 في المئة، والوسواس القهري والاكتئاب بأنواعه والرهاب الاجتماعي وهكذا... لكن لا توجد إحصاءات دقيقة في المملكة توضح ذلك، بيد أن الأمراض النفسية في العالم نسبها تكاد تكون واحدة، وهناك اختلاف مرض من بلد إلى آخر»، لافتاً إلى أن معظم السيدات المصابات بمرض نفسي في المملكة يعانين من «الاكتئاب»، بينما يشتكي الرجال من حالات الفصام». وذكر أن مناهج التعليم لتدريس الطب النفسي في السعودية ضعيفة جداً، وقال: «المخرجات فيه لا تلبي التطلعات، ومع ذلك هناك تزايد على الإقبال لدراسة الطب النفسي، والأعداد أصبحت مقبولة من السعوديين الذين تخصصوا في كندا وأميركا، والمملكة المتحدة، والمستشفيات العسكرية والتخصصية». وأكد أن المرض النفسي في المملكة ليس وهماً، وإنما حقيقة، وهناك إمكان لعلاجه كبقية الأمراض، وأضاف: «الآن أصبح المجتمع يغيِّر نظرته نحو الأفضل بخصوص المريض النفسي، وأصبح المريض يعتمد على نفسه ويعود ليندمج في مجتمعه ويمارس مهاماته من جديد بعد الجلسات الطبية». وعن بعض الدعوات الدينية التي لا تنظر في المرض النفسي حقيقة مرضية، قال: «الواقع ليس كذلك، بل الدعوة الدينية تساندنا في علاج هذا المرض، وكثير من علمائنا ومشايخنا هم من أكثر الناس دفاعاً عن حق المرضى النفسيين في العلاج، وهم ضد مدعي العلاج والخرافات».