وُفق الإمام البوصيري رحمه الله في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث اختصر وأجمع، وقال فحوى: فمبلغ العلم فيه أنه بشرُ وأنه خيرُ خلق الله كلهم. فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الهادي والنبراس والدليل، وهو المصطفى المرسول رحمة للعالمين، أنزل عليه الكتاب الكريم، وعاش مبينا له ومشرعاً، (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (الحشر 7) وبذلك كانت العروة الوثقى هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبه اهتدينا، وبه نقتدي، وله نصرف كل الحب طاعة لله وتقرباً إليه عز وجل، (أحبوني بحب الله) (الرميذي). والحب عمل من أعمال القلوب، وللقلوب نواميس ورياضات، فيجب أن نعود أنفسنا وأهلينا على الأخذ بالأسباب، والنهل من معين هذا الحب، ويكون ذلك بالاقتداء واستحضار السيرة العطرة لتكون حية في وجداننا، فلا يغيب ميزان محبته صلى الله عليه وسلم عن أذهاننا، ونعمله في الصغيرة والكبيرة، فهو الذي تركنا (على المحجة البيضاء ليلها كنهارها) (ابن ماجة). فما من شيء إلا علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبادة الله، التعامل فيما بيننا، البيع والشراء، صلة الأرحام، حتى أمورنا الشخصية، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد علمتنا كل شيء في قالب من الحنان والرحمة المحمدية التي خصك الرحمن بها فقلت: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) البخاري ومسلم، لأن حقيقة النهي هي نفع الإنسان، وهذا تجلى رحمة الخالق سبحانه وتعالى، والتيسير في الاتباع مع الاجتهاد والأخذ بالأسباب، وطالب رضا الحق جل وعلا زاده الصدق، فالتوفيق عزيز (وما توفيقي إلا بالله) (هود 85). وقد أظلتنا الذكرى العطرة لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم فأحببت أن أذكر نفسي وإخوتي بالتعايش مع لحظات الفضل، وحمل النفس والأسرة على الطاعة، ويا حبذا إن كانت طاعة تبدأ الآن وتستمر، فقليل دائم خير من كثير منقطع، والأعمال بالنيات وليست بالكثرة وإنما بالإخلاص. ومن ألزم الطاعات في وقتنا هذا - وقد آل أمر الأمة إلى ما آل إليه من الفتن والتطرف والتشرذم - أن نخلص الدعاء للإسلام والمسلمين بقلوب صادقة متوجهين إلى الله بمكانة وقدر وجاه هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم. اللهم أعنا على ما تحبه، وعلمنا سنة حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحببنه إلينا محبة تعرفنا بها قدره، وتأخذ بأيدينا إلى ما يرضيك في هذا النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم. وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، إنك حميد مجيد.