الاتحاد بين دول الخليج، وليس الاندماج الكامل أو الوحدة المستحيلة، طال انتظاره وحان وقت تفعيل آلياته ورسم خطواته بمن رغب من هذه الدول في هذا الإجراء، الذي لا خيار غيره في ظل ما يحيط بالمنطقة من ظروف وما تفرضه إيران (المعتدية) عليها من استحقاقات لم يعد ينفع معها التحزم بأمريكا ولا بأي قوة خارجية أخرى. البناء الداخلي والقوة الخليجية الصرفة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، هو رهان دول الخليج على الحفاظ على مكتسباتها التنموية وعلى بقائها مستقرة ومنيعة أمام شهوات الإيرانيين التوسعية وتهديدهم العلني (اليومي) لهذه الدول. لتبقى عمان، إن شاءت، خارج منظومة الاتحاد الخليجية المنتظرة مع الحفاظ عليها شقيقاً خليجيا معتبراً في باقي ما ترغب الاستمرار فيه من تعاون بصيغة مجلس التعاون المتفق عليها بين كل دول المجلس. وليس ضرورياً بالمناسبة أن يتغير اسم المجلس، على الأقل في هذه المرحلة، ليحمل صيغة مسمى الاتحاد، فما هو ضروري وحاسم أن يكون هناك اتحاد حقيقي للمواقف على المستوى الإقليمي والدولي، وأن ينشأ (إيمان) خليجي قاطع بأن مصير كل دولة مرتبط بمصير الدولة الأخرى. ومتى نشأ هذا الإيمان الخليجي وتأكد فإنه يسهل بعد ذلك دفع كل الإمكانات الخليجية الهائلة في اتجاه مصلحة دول وشعوب المنطقة. ويسهل، أيضاً، إقناع عمان بأن من مصلحتها الوطنية والإقليمية أن تلتقي مع شقيقاتها على إرادة الاتحاد الذي يجمعها ويذب عنها الأطماع الإيرانية وأي أطماع أخرى من الميليشيات والتنظيمات التي تهدد أمنها. المواطن الخليجي، أيضاً، في كل دولة يجب أن يشرك في قرارات الاتحاد وآلياته وأهدافه وصيغ تنفيذه، لكي يكتسب قرار إطلاق الاتحاد الخليجي التأييد الشعبي الذي يعطيه شرعيته ويوفر أسباب تمكينه وتطبيقاته. ولذلك فإن شعوب دول الخليج بقدر ما انتظرت طويلاً نشوء هذا الاتحاد، وبقدر ما تريد أن تراه يتحقق في قمة البحرين القادمة، تريد أن تشعر بالثقة من جديته ومن انعكاسه على مصالحها ومحافظته على مكتسباتها الخاصة بكل دولة. وقتها، إذا التقت إرادة القادة والشعوب، فإن مثل هذا الاتحاد الخليجي سيكون ممكناً؛ بل سيكون قوة حقيقية يؤمن بها الجميع ويدافع عنها الجميع.