قرار اقتصادي مهم أصدره خادم الحرمين الشريفين بالموافقة على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية لتخصيص مبلغ (100) مليار ريال من الاحتياطيات لصندوق الاستثمارات العامة، وذلك بهدف تنويع المحفظة الاستثمارية وتحسين عوائد الاستثمارات. وكما أوضح صندوق الاستثمارات العامة بأن التوجه المستقبلي هو تنويع الاستثمار في فرص واعدة في الأسواق المحلية والدولية والمتوقع منها عوائد كبيرة تدعم استثمارات القطاع الخاص والنمو الاقتصادي في المملكة. والحقيقة أن هذا القرار يؤكد توجه القيادة نحو تنويع مصادر الدخل كبديل مستقبلي للإيرادات البترولية. ومن يتابع الصفقات التي قام بها صندوق الاستثمارات العامة السعودي خلال عام 2016 يلاحظ أنه تم الإعلان عن مفاوضات لشراء حصة تمثل 5% من مجموعة (أديبتيو) القابضة المحدودة من رجل الأعمال الإماراتي محمد العيار بعد أن استحوذت شركة (أديبتيو) على شركة الأغذية الكويتية (أمريكانا) بنحو 67%، كما أتم الصندوق في عام 2016 باستثمار 500 مليون دولار في (نون كوم) بحصة نسبتها 5% من الشركة، كما ساهم الصندوق في تأسيس صندوق رؤية سوفت بنك برأسمال 100 مليار دولار، كما أبرم الصندوق أشهر الصفقات بشراء 5% من شركة أوبر مقابل 3.5 مليار دولار. ومن الصفقات المتوقع إبرامها من الصندوق محلياً هي صفقة شراء وتملك بالكامل 100% لمركز الملك عبدالله المالي في الرياض بالإضافة إلى زيادة حصة صندوق الاستثمارات في شركة أكوا باور إلى 35% من الشركة، كما يمتلك الصندوق حصصا سابقة لعام 2016 في بنك الرياض بنسبة 21.75% وفي سامبا 22.8% والأهلي التجاري 44.03% وسابك 7% والعقارية السعودية 64.6% والاتصالات السعودية ومعادن 49.9%. وبناء على موافقة خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي بزيادة مبلغ 100 مليار ريال من الاحتياجات لصندوق الاستثمارات أتمنى أن يوجه الصندوق هذا المبلغ لبناء مشاريع استثمارية جديدة داخل المملكة لتخدم التنمية في المملكة وتحقق عوائد مجزية لميزانية الدولة، وتخلق فرصا وظيفية جديدة؛ لأن شراء الحصص في شركات قائمة قد يسهم في زيادة الدخل للدولة عن طريق الاستثمار في شركات ناجحة أصلاً والاستفادة من جزء أو كل من الأرباح المحققة سنوياً، لكنه لا يخلق وظائف جديدة ولا يحدث تطوراً في التنمية الشاملة، إن التوقع والأمل الكبير هو أن يقوم الصندوق بتوجيه جزء كبير من مبلغ الدعم الذي حصل عليه أخيراً في استثمارات مشاريع محلية وتنموية. وأتمنى أن تخلق هذه المشاريع الجديدة مزيداً من الفرص الوظيفية وتسهم في دفع حركة السوق لتفعيل وتطوير نسب النمو في الناتج القومي. ومن هذه المشاريع التي أتمنى أن يساهم فيها الصندوق هي المشاريع الإسكانية، ومشاريع بناء المدارس على الأراضي المخصصة مدارس في المخططات العمرانية المجمدة منذ عشرات السنين في مختلف أنحاء المملكة ثم تأجيرها على المشغلين في القطاع الأهلي وهذا سوف يحدث تنمية سريعة في مشاريع التعليم الأهلي. كما يساهم في استغلال الأراضي الحكومية المخصصة مدارس خاصة المجمدة لسنوات طويلة لعدم وجود ميزانية لشراء الأراضي أو البناء عليها، أو الاستثمار في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وتجهيزها ثم تأجيرها على القطاع الأهلي المتخصصين للتشغيل والدخول معهم كشركاء في مشاريع مماثلة في جميع مناطق المملكة وفي المدن الصغيرة على وجه الخصوص ولا سيما أن هناك أزمة في المستشفيات والمراكز الصحية بصفة عامة. أو الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص في إنشاء الجامعات والكليات الأهلية مع المشغلين ذوي الخبرة المتخصصة. إن فكرة استثمار الجزء الأكبر من المائة مليار ريال المدعومة لصندوق الاستثمارات في استثمارات داخلية وفي مشاريع جديدة من المؤكد سوف تسهم في زيادة الدخل من مشاريع لها مردود تنموي. وأرى أنه من الضرورة التفكير في الاستثمار المرتبط بالتنمية لأن له بعدا اقتصاديا واجتماعيا وأثره إيجابي على المجتمع بأكمله وعلى العكس الاستثمار في شركات ذات ملكية فردية أو مساهمة ستذهب عوائد بيع الحصص إلى أصحابها ولا نعلم إذا كانوا سيعيدون ضخ أموال الحصص المباعة في السوق المحلي أم ستصدر للخارج كودائع في بنوك أجنبية تستثمر في مشاريع تخدم مجتمعات دول خارجية.