يوم الأحد الماضي كنت قد أخذت مكاني في حفلة افتتاح مؤتمر الأدباء الخامس في العاصمة الرياض، كانت ليلة ماطرة وتشي بالمفاجآت السارة، وفعلا كان ثمة مفاجأة في الحفلة جعلتني أتحسس مقعدي. فلكأني كنت أطفو فوق نافورة فضية أو في مجلس مسحور. المفاجأة هي اسم لأول مرة أسمعه، لقد كرموا الشاعرة سلطانة السديري، من جملة من كرموا من الأدباء السعوديين الذين نشروا نتاجهم الأدبي قبل عام 1980. رحت أسأل نفسي كيف وأنت تظنين أنك شديدة الاهتمام بالحركة الأدبية في المملكة لم تسمعي باسم امرأة بدأت تنشر قصائدها ومقالاتها قبل ميلادك؟، بل نشرت بين عامي 1965-1966 مقالاتها هنا في «عكاظ»!. تقول سلطانة في حوار لها إن الزميل العزيز والأديب الأريب عبدالله خياط كان رئيس تحرير «عكاظ»، وكان ينشر لها باسمها المستعار «عهود» وهو لا يعرف من هي، ومن الطرائف أنه كان يترك لها تنويها حين تتأخر في إرسال مقالاتها فيكتب على صفحات «عكاظ»: «نرجو من الأخت عهود موافاتنا بكتابتها». وحين كنت أظن أن أغنية طلال مداح «سويعات الأصيل» للشاعر الإدريسي اكتشفت أنها للشاعرة سلطانة السديري. بل وأن سيدة الغناء العربي فيروز غنت لها ثلاث أغنيات!، وهذا شرف لم ينله أعظم شعرائنا الكبار. وأنا أبحث عن اسم سلطانة السديري وجدت المغردين على «تويتر» يشككون بنسبة قصيدة «سويعات الأصيل» لها. لأنها قالت مرة إنها كتبتها في عامها الثالث عشر. بينما أصدق روايتها لأنني في عامي العاشر كتبت أول محاولة شعرية لي، وحين أنظر إليها الآن أدرك أنها على سذاجتها أجمل من كثير من الغثاء المنشور تحت تصنيف قصيدة. لا أعتب على المناهج التي لم تعرفني بقامة أدبية كبيرة كسلطانة السديري، ولا أعتب على البرامج التلفزيونية لأن ضرب الميت حرام. لكني أعتب على نفسي لأني كان يجب أن أطلع على تجربة ريادية نسوية سعودية في وقت مبكر من حياتي. ولذا كتبت هذا المقال على سبيل الاعتذار من نفسي. وحتى يطلع جيل الشباب على تجارب الرواد. وكم أنا سعيدة أني أكتب في الصحيفة نفسها التي كتبت فيها سلطانة باسمها المستعار فمهدت لي أن أكتب باسمي الصريح. ممتنة لكل تجربة رائدة قامت بها امرأة سعودية أو رجل.