اعتاد العالم قاطبةً، أن يولي الانتخابات الأمريكية اهتماماً منقطع النظير ومتابعةً ليس لها ترجمةٌ ولا تفسير، ولاسيما انتخابات هذه الدورة التي جاء مرشحها الجمهوري مثيراً للجدل، حددت تصرفاته أبعاد شخصيته المريبة وأبرزت كلماته حقيقة طبيعته الغريبة، طبعاً أعني الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب، فالرجل عرف بالعنصرية الواضحة، وأفكارٍ متطرفة ورغم كل المحاذير فقد اتضحت الرؤية وأصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة. فإن لم يفِ بعهوده التي قطعها قبل فوزه يكون متنصلاً وتلك مصيبةٌ في نظر مؤيديه وإن نفذها تكون المصيبة أعظم في أوساط معارضيه. انجلى الأمر الآن واتضحت الرؤية، حيث انطوى عهد بما فيه من خيرٍ وشر، وبدأ عهد جديد لا يعلم أحد ما ينجم من مفاجآتٍ يتضمنها ومن غموضٍ يكتنفه، ولكننا من حيثيات الواقع نتوقع عهدا تحفه أفكار غريبة، وأياما حبلى بسياساتٍ عجيبة، كما أن المنطق يحدد توقعاتٍ لسياسة عهدٍ يقوده رجل قدم نفسه للجميع من خلال برنامجه الانتخابي بصورةٍ يكتنفها الغموض، فدعوني أحلل انطباعي عن الرجل فأول ما يتبادر لأذهاننا أنه جحود، وهذا ما سيجعل إسرائيل أكثر سعادةً لعهدٍ يبارك جرائمها ويدعم توسعها في بناء المستوطنات ويبشر بنقل سفارة بلاده إلى القدس في خطوةٍ لم يسبقه عليها أحد الرؤساء الذين سبقوه، ومن السيناريوهات المتوقعة اجتماع قطبي العالم أمريكا وروسيا -إن صح التعبير- لتقسيم النفوذ بينهما، وربما دخلت الصين كطرفٍ ثالث ومن ثم نتوقع وضع السياسات الاقتصادية الجديدة. أما داعش فقد تجد ضالتها في عهد ترمب الذي يبدو أنه سيتراجع عن التورط في محاربتها، وقد ينجم عن اتفاق القطبين استمرار المد الإيراني في الشرق الأوسط برعايةٍ عسكريةٍ روسية، الأمر الذي سيزيد الوضع الملتهب في المنطقة عموماً وفي سورية على وجه الخصوص تأججا والتهابا، وقد تؤدي السياسة الأمريكية الجديدة إلى إلغاء إيران للاتفاق النووي. على كل، إذا توقعنا خيرا أو توجسنا شرا، فالأيام القادمة كفيلة بالإفصاح عن نوايا السياسة الأمريكية الجديدة، فلا يجب علينا أن نسيء الظن بالغد من منطلق مخاوف الناس من محاذير الحاضر حتى ينقشع الضباب، وعليه لن نتسرع في الحكم على المجهول إلا بعد التجربة، فنرجو أن يكون القادم أحلى. علماً بأن علاقات الأمس لا ترقى إلى التطلعات وأن الغد لا يبشر بالجديد، ومع ذلك فنحن المسلمين لا نحب التشاؤم، وبهذا الفهم لا يهمنا من سيحكم أمريكا، ما دمنا نحسن الظن بالله، فمرحباً بعهد ترمب وكلنا قادرون على مسالمة من يسالم ومخاصمة من يخاصم.