لم تكن حزمة «الوعيد والتهديد» التي أعلنتها وزارة التعليم وحدها التي فككت لغز الغياب المتعمد في الأسبوع الميت (الأيام التي تسبق الإجازة المدرسية) في الكثير من المدارس، خصوصا أنها لغة اعتادت عليها المدارس وتعود عليها أولياء الأمور منذ سنوات، ليأتي الرد الدائم بأن «صموا آذانهم» واستبقوا الباب فكان الوداع الأخير للمدارس قبل أكثر من أسبوع على بدء أي إجازة. حاولت الوزارة مجددا التحذير فوضع وزير التعليم الأسبوع الماضي أمام قيادات الوزارة ومديري التعليم في المناطق (عبر الشبكة التلفزيونية) خيار نكون أو لا نكون، محذرا من التساهل في تسجيل الغياب ومتوعدا بتطبيق الأنظمة بحق من أسماهم «المتقاعسين». لكن هل بات الوعيد وحده كافيا لتحقيق معدل انضباط يصل إلى معدل 99% مثلما يؤكد مديرو التعليم في بعض المناطق، أم أن اختزال الأمر كله في هذا التهديد ربما يهدر جهود كثيرين آثروا لعب الدور الخفي في تحفيز طلابهم وطالباتهم على الحضور والانتظام حتى الرمق الأخير، وإعلان وفاة الأسبوع الميت ليصبح الغياب يدور في هامش 10%، وهي نسبة مقبولة تقنيا وعقليا وتربويا. على أرض الواقع، كان مسرح التحدي مغايرا لما سبق، إذ ابتكرت مديرة مدرسة «ابتدائية السبعين بجدة» فكرة «أجمل تسريحة» لتستقطب طالبات الصفوف الأولية حتى دوام اليوم (الخميس) فبدأت الطالبات يستعددن للمسابقة التي سيتم فيها تتويج 10 طالبات باللقب في الطابور الصباحي، بل زادت الأمر تحفيزا بإبلاغهن بأن اليوم الدراسي «يوم حر» بمعنى أنه يمكنهن ارتداء فساتين سهرة ولا يشترط الحضور بالمريول المدرسي. من هنا، أصرت الطالبات على أولياء أمورهن بالحضور لرغبتهن في الفوز من ناحية، والتجمل أمام زميلاتهن بشكل غير مألوف من ناحية أخرى، فنجحت الفكرة. صحيح أن الفكرة التي ابتكرتها قائدة المدرسة سميرة الحضرمي ليست الوحيدة التي ساهمت في جذب الطالبات إلى مدارسهن، خصوصا أنها امتدت إلى ابتدائية الخلود بجدة بريادة قائدتها جمعة الحميري بفكرة أجمل طبق من إعداد الطالبات أنفسهن، لكن الأصح أن تميز الأفكار هو السبيل الوحيد للإعلان الرسمي عن تشييع الأسبوع الميت. ويبقى السؤال متجها إلى وزارة التعليم: أيهما أفضل عصا القيادات أم جزرة قائدات المدارس والمعلمات؟ وهل تتشدق إدارات التعليم بنجاح «فرد العضلات»، أم نجد تشجيع الابتكارات وتكريمها لتبقى هي الحضن الدافئ لتذويب فجوة الهروب من المدارس أو الخروج بلا رغبة في العودة؟