العالم يحبس أنفاسه انتظارا لمن سيحكم الولاياتالمتحدةالأمريكية، فمعركة كسر العظم بين ترامب وهيلاري وصلت ذروتها، والبوصلة العربية بكافة تياراتها تتجه نحو واشنطن بانتظار نتائج الانتخابات التي ستكون حاسمة لقضايا العرب المزمنة.. القضايا العربية في السلة الأمريكية هي النقطة الجاذبة للاهتمام بانتخابات الرئاسة، وإن كانت جميع هذه الانتخابات لم تغير من الواقع العربي، سواء قاد الولاياتالمتحدة أيا من الحزبين، الجمهوري أو الديموقراطي، حتى غدت البوصلة العربية تتجه في كل دورة انتخابات إلى واشنطن تلقائيا دون أن تحدث نتائج الانتخابات أي تغيير في الواقع العربي أو حتى الحلم بتغييره، بيد أن الوضع في هذه الانتخابات قد يتغير في حال فوز ترامب فيها، نظرا لمواقفه المتشدة ضد العرب والمسلمين. السياسيون العرب في الإجمال يؤمنون بعدوانية ترامب، إلا أن البعض يعتقد أن الرأي الذي تشكل لديهم خلال سباق الرئاسة قائم على أن الجمهوريين أكثر اهتماما بالشرق الأوسط ، والثاني أن كلينتون غير ودودة إطلاقا تجاه العرب، وفي كل الأحوال فإن الاثنين سيخطبان ود إسرائيل. لكن قليلا من الساسة المتمعنين بالسياسة الأمريكية، يختلفون جذريا مع هذا الرأي، ويعتقدون أن فوز ترامب سيكون وبالا ليس على المنطقة فحسب، وإنما على علاقات أمريكا مع العالم كله. كلينتون في حال فوزها، لن تكون مثل أي رئيس قبلها حيال الشرق الأوسط؛ فهي وبحكم توليها منصب وزير خارجية في ولاية أوباما الأولى، تحوز على خبرة واسعة في شؤون المنطقة، وتعرف قادتها حق المعرفة، وتعلم تفاصيل قضايا المنطقة من فلسطين إلى الأزمة السورية، مرورا بالعراق. بالنظر إلى طبيعة العلاقات العربية الأمريكية، والتي بلغت في السنوات الأخيرة مستوى غير مسبوق من التحالف الإستراتيجي، يمكن القول إن هوية الرئيس الأمريكي القادم تثير قلق القيادات العربية، خصوصا أن ترامب أظهر موقفه المعادي للعرب والمسلمين بشكل عام يضاف إلى ذلك تغير التفكير الأمريكي بشكل عام تجاه قضايا المنطقة وربما تكون أزمة سورية مثالا على تفاوت التقييم لتطوراتها، والموقف من أطرافها، وطبيعة الخطوات التي ينبغي اتخاذها. العلاقات العربية الأمريكية رغم تفاؤل أصحاب وجهات النظر السياسية بإمكانية الاعتماد على الموقف الأمريكي القابل للحسم في بعض الملفات تشهد شدا وجذبا حول ملفات المنطقة والموقف الأمريكي منها، خصوصا الموقف من إيران وسورية والعراق واليمن وعملية السلام في الشرق الأوسط وتجميد ملف حل القضية الفلسطينية مع الإقرار بوجود فروق محدودة في مواقف الحزبين؛ الجمهوري والديموقراطي، إلا أن موقف الحزبين تجاه إسرائيل يكاد يكون متطابقا. وباستثناء بعض اللمسات الدبلوماسية، لم يظهر الديموقراطيون عزيمة أشد من الجمهوريين على تسوية الصراع العربي الإسرائيلي في البعد الفلسطيني؛ تسوية عادلة وفق حل الدولتين الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة في عهد الإدارة الديموقراطية. في سباق انتخابات الرئاسة هذه المرة إن ابتعدنا عن تناول قضايا الولاياتالمتحدة فإن ترامب وكلينتون يتسابقان على كسب ود إسرائيل، الأمر الذي يؤكد بقاء تجميد القضية الفلسطينية وانهيار عملية السلام في الشرق الأوسط رغم بعض التفاؤل الذي يبديه بعض العرب.