يا فرحة ما تمت أخذها «حافز» وطار».. هذا هو لسان حال عدد كبير من المواطنين والمواطنات الباحثين عن عمل، وبرغم ان برنامج اعانة العاطلين منحهم «الأمل» في العبور من اليأس الى الحياة، الا ان فرحتهم سرعان ما تحولت الى حزن عميق بسبب الشروط التعجيزية التي وضعت للحصول على اعانة حافز وهو ما دفعهم الى القول بكل صراحة ان القائمين على البرنامج «حولوا الاعانة الى اهانة». ولم تكن الانتقادات الموجهة ل «حافز» مصدرها المستبعدين من الاعانة بل اطلقها ايضا عدد من الخبراء وابرز تلك الانتقادات: استبعاده الفئة العمرية فوق 35 سنة، ثم التدريب الذي وصفوه ب «المبهم» لمدة 4 أشهر قبل الحصول على الإعانة، وكذلك شرط استبعاد المشتركين بالضمان الاجتماعي الذين لهم الأولوية في تلك الوظائف ليتحولوا إلى منتجين، ثم التعامل المتفاوت في معدل قيمة الإعانة من الذين لديهم دخول أخرى، ناهيك عن المماطلة في موعد صرفها وإحباطهم وتجريعهم الذل من رفض تلك البنوك لفتح حسابات لهم وتأجيلهم إلى مواعيد غير بالشهور. «المدينة» استطلعت كافة الاراء حول برنامج «حافز» سواء من المواطنين او الخبراء او اعضاء مجلس الشورى.. وكان هذا التحقيق: بداية تقول رؤى العقيلي إحدى الملتحقات بالبرنامج: سجلت بموقع «حافز» الإلكتروني برقم السجل المدني، ووجدت أن استمارة الطلبات في الموقع معقدة، وتتضمن شروطا تعجيزية، فعلى سبيل المثال إنها تلزمك أن تقوم بتعبئة التواريخ بالميلادي، كما أنه من السلبيات التي نسمع بها هي استرداد الإعانة بعد التوظيف، فالمواطن لا تمكنه ظروفه من ذلك لأنه مثقل بالديون، حيث أصبحنا نتحمل على كاهلنا ضنك المعيشة في غياهب البطالة، ثم أتى «حافز» وأكمل علينا الحمل محطما نفسيتنا بكل المقاييس. ونقول لوزارة العمل واللجان التي وضعت حافز وشروطه القاسية: «راعوا أبناءكم وانظروا لدول الخليج حولنا». أما عبدالله العتهمي فهو زوج إحدى الملتحقات بحافز حيث يقول انه اسم على غير مسمى بسبب الشروط التعجيزية التي تم وضعها وكنا نتمنى ان يتم تسهيل الشروط لكي يستفيد الجميع. بينما يقول مصلح الحربي زوج احدى المتقدمات: قدمت زوجتي بشهادة جامعية تخصص لغة عربية، وقدمت على ديوان الخدمة المدنية مرتين ولكن دون جدوى لم يستجد معها شيء، ثم جاء «حافز» الذي استبشرنا خيرا منه، ثم وضعوا شرط التدريب فلم أعلم ما هو البرنامج التدريبي لزوجتي فهي تخصص «لغة عربية»، كما أن الإعانة وهو مبلغ ألفي ريال هي للمواصلات والمصرفات، ولا نشك أن أبا متعب لديه علم بما يحصل من أخذ ورد لأن قراره واضح وهو صرف إعانة لأبنائه ولكن بعد أن حورتها وزارة العمل إلى برنامج «حافظ» فإن معظم المتقدمين بدؤوا يشعرون بخيبة أمل وإحباط. عمري راح هدرًا من جهته قال علي سعيد القحطاني: عمري راح هدرًا وأنا لا أجد وظيفة فأنا خريج من الثانوية ولي 6 سنوات، وحصلت على وظيفة حاليا في وقت حافز بوظيفة براتب 2500 ريال كحارس أمن، وعندما سمعنا بالشروط القاسية من إعانة حافز، عدلت عن التقديم، فهم يطلبون باسترداد الإعانة الألفي ريال، وكأنها قرض فلا أعرف كيف نستطيع أن نعيدها لهم، كما أن شروطهم القاسية والتي تنزل على مراحل فهي غير مقبولة، ويجب أن يكون هذا البرنامج سهلا، فالملك جزاه الله خير كلامه واضح لا يحتمل أي تأويل. وترصد «أم سما» معاناتها من البرنامج وتقول إن الشروط صعبة وصعوبتها في الاستمارة والشروط التعجيزية، فلا يوجد حرية لاختيار الوظيفة فالمفترض الوضوح في الوظيفة، بالإضافة إن تلك الوظيفة ووقت الدوام لم تكن متوافقة مع الاستمارة، كما أن من ضمن الشروط الصعبة ألا تكون مسجلة في الضمان الاجتماعي فالضمان يعطي 800 ريال، وبدلا من أن تكون هذه تأخذ من الضمان ممكن أن يتم تحويلها إلى منتجة في حافز بعدها بعد توظيفها يتم استبعادها من الضمان، بالإضافة إلى أنه لا يوجد مساواة في الشروط فإن كان هناك دخل 700 ريال فإنه يحسم من الإعانة وتعطى 1300 ريال فقط. يا فرحة ما تمت أما مشهور محمد الهاجري الذي قدم لعب دور الوسيط لشقيقته لتسجيلها في حافز، فيقول: توسطت لكريمتي في مصرف الراجحي لفتح حساب لها إلا أنهم ردوا أن عمرها لا يسمح لها ومستبعد من شروط أحقية استفادتها من برنامج حافز بحجة أن عمرها 41 سنة، فصدمت وأصيبت بإحباط شديد بعد الفرحة التي لم تكتمل ولكن «يا فرحة ما تمت». وترى أم سلطان إحدى المتقدمات على البرنامج إن حافز حول الإعانة إلى اهانة، فالتدريب مرفوض إن لم يكن الطرف الثاني يعرف ما مصير التدريب، فمن حقه أن يعرف إلا أن الأمور تمضي بشكل عشوائي، بالإضافة إلى أن الوظائف لا تتناسب مع الشروط والدوام طويل. ويقول حميد الحسني وهو احد المستبعدين: أبلغ من العمر 35 عاما متزوج ولدي سبعة من الأولاد مستأجر، فرحت عندما سمعت بحافز إلا أن الفرحة على الفور ذبلت بعد نبأ الشرط الجائر الذي استبعدني أنا وفئتي العمرية من حقنا كمواطنين، بل أننا نرى نحن أحق من غيرنا لأننا وصلنا إلى مرحلة تكوين الأسرة وتحملنا القروض والالتزامات».. وقال كلمته الخيرة «حسبنا الله ونعم الوكيل فيه.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيه المتسبب» فلم يعد الأمل فانقطع إلا أن أملنا كبير في الله ثم في الملك المحبوب والأب الحنون لتعديل هذه الشروط القاسية. دحلان: 10% من العاطلين فقط يستفيدون من «حافز» قال الدكتور عبدالله دحلان عضو مجلس الشورى السابق ورئيس منظمة العمل العربية السابق وعضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية سابقا ورئيس كلية إدارة الأعمال الأهلية بجدة إن برنامج إعانة العاطلين عن العمل لن يتحقق سريعا على أرض الواقع نتيجة تأخر دراسته الطويلة التي قامت بها الجهات المختصة «وزارة العمل» لفترة طويلة من صدور قرار خادم الحرمين الشريفين، علاوة على أن تلك الدراسة خرجت بشروط صعبة جدا وقاسية، بل أنها يصعب تطبيقها». وأبدى قلقه من وصول هذه الإعانة إلى عدد قليل لا يتجاوز 10% عند التطبيق من إجمالي العاطلين المسجلين في البرنامج، متمنيا أن الاستفادة من بعض الدول المتقدمة التي لديها نظام التأمين عن العمل الذي يعتبر متطورا يضمن لراغبين العمل أعمالهم حتى لو تم فصلهم أو الاستغناء عنهم من وظائفهم، لذا فأرى إن هذا البرنامج صدر بشروط قاسية ولن تحقق رغبة خادم الحرمين الشريفين لأبنائه وبناته العاطلين عن العمل، لذا فإنني أقترح إعادة النظر في تلك الشروط، وعمل استقصاء للعاطلين لمعرفة الصعوبات التي تواجههم في هذا البرنامج، ودراسته دراسة متكاملة. عضو شورى: «حافز» ليس للمتواكلين وإنما للجادين قال عضو مجلس الشورى الدكتور مازن بليلة أن البرنامج يقصد به تحفيز الاقتصاد الوطني، ولا يقصد بأنه بديل عن التأمينات الاجتماعية المعروفة والتي تقدم للمحتاجين من الضمان الاجتماعي.. ولكي يحقق «حافز» الأهداف المطلوبة في تحفيز الاقتصاد الوطني، وتوطين القوى العاملة التي يجب أن تحمل بعض الضوابط التي تساهم لتنفيذ هذا التوجه الكريم، أما من جانب استرداد إعانة «حافز» فهو غير صحيح وليس له سند نظامي ولا ينبغي أن تشوش الإشاعات على حقيقة القرارات التي صدرت بهذا الشأن، كذلك فإن مشروع «حافز» مشروع يستهدف توطين القوى العاملة، وبالتالي عندما تتعطل هذه القوى بسبب عدم وجود وظيفة في ذلك الوقت تحصل على إعانة مالية تتجاوز هذه الأزمة «فحافز» هو جسر بين طالب العمل والوظيفة المناسبة له أو بين وظيفة وأخرى بعد إعادة التأهيل. وأضاف ان الانتقادات الموجهة إلى حافز هي بسبب النظرة الخاطئة له على أنه خدمة اجتماعية أو أنه بديل أو مكمل لأنظمة الضمان الاجتماعي، وعندما تنظر له في صورته الصحيحة، فيجب أن نضع حافزا لتحقيق أهدافه ليحفز الاقتصاد الوطني، فالشروط الموضوعة تشمل تهيئة طالب العمل ليكون قوة منتجة يستطيع أن يقف على رجليه ويخدم وطنه ونفسه، ويأكل من جهد عرقه أما إذا نظرنا إلى حافز بمعنى أنه حافز على البطالة وترك العمل والأكل من طبقات الدولة فلن يكون حافزا اقتصاديا بل عنصرا للتواكل والتراجع وضعف الإنتاج، أما بالنسبة للشروط التي وضعت. قانوني: الإعانة تحتاج إلى رؤية واستراتيجية وشروط أكد الدكتور عمر الخولي أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ومستشار الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إن كثيرا من الناس يخلطون بين إعانة البطالة وبين الضمان الاجتماعي والإعانات الحكومية الأخرى، حيث يعتقدون أن هذه مثل تلك إلا أن إعانة البطالة مرهونة بأسباب وهي جزء من عملية اقتصادية داخل الدولة وليس عملية اجتماعية». وأضاف ان إعانة البطالة جزء من المشكلة الاقتصادية في البلاد والقوى العاملة، فتوفير فرص العمل من مهام الدولة، فإن فشلت فإن عليها أن تدفع إعانة بطالة ريثما تجد الوزارة أطلقت وسمحت بالتقدم لذات البرنامج الذي وصل عددهم قرابة 3 ملايين مسجل. واشار الى ان وزارة العمل وضعت شروطا تعجيزية لتقليص العدد، وبدأت تبتدع وتخترع لتخفض العدد إلى أدنى حد ممكن، لذا عليها أن تدرس لمن تتوافر فيهم الشروط دون أن يكون لديها رؤية أو تخطيط، لذا يجب أن يكون للوزارة رؤية واستراتيجية تختلف عن موضوع تقليص المبالغ المخصصة إعانة البطالة، فالإعانة محددة بأهدافها ومسمياتها ولكل ينطبق عليه، كما يفترض أن تضع شروطها دفعة واحدة وليس على دفعات. خبير اجتماعي يحذر من مشاكل عدم صرف الإعانة حذر الدكتور محمد سعيد الزهراني أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة أم القرى من المشاكل التي قد تنجم عن عدم صرف إعانة البطالة قد تعرضهم إلى السرقة والتحايل أو التزوير أو ارتكاب الجرائم والاحتيال والانحراف السلوكي والأخلاقي. وقال إن مشكلة البطالة هي اقتصادية اجتماعية بالدرجة الأولى تجنبهم من الجرائم لاسيما السرقات وشرب وبيع المخدرات لا سمح الله، مقترحا أن يتم رفع المكافأة في الوقت الراهن وقت الغلاء إلى 3 آلاف ريال بدلا من ألفي ريال، بمعنى أن الإعانة تمثل برنامجا اجتماعيا ووقائيا إنسانيا يساعد الشباب على الاستقلالية وتقدير الذات، «فحافز» يساعدهم للانخراط في العمل بكل جدية، حيث أن المبالغ التي تصرف على الشباب أقل بكثير من تكلفة النتائج العلاجية للمخدرات والسرقات والجرائم، فالأموال التي تنفق هي بمثابة برامج وقائية، توفر للمجتمع الكثير من الجهد والمال لأن لدينا شبابا يعتبرون ثروة وطنية وتلمس احتياجاتهم مطلب أساسي. خبير اقتصادي ينتقد شرط «التدريب» لمنح الإعانة انتقد المستشار والخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الصنيع طرح الوزارة شرط منح الإعانة بعد أربعة أشهر من التدريب، معتبرا ذلك إجحافا في حق العاطل حتى حولت من هذا المسمى وهو إعانة العاطلين إلى مهانة العاطلين، وهذا يتجلى في عدم قدرته على الاستمرار للتوصل إلى مرحلة التأهيل، حيث يفتقر للمصروفات الأساسية للتنقل، واقتناء ما يلزمه أساسيات من مواصلات ومأكل وملبس ومصروف شخصي لتوفير أبسط سبل العيش الكريم مع أقرانه من أفراد المجتمع، وكذلك الشرط الآخر التعجيزي وهو استبعاد عمر 35 سنة تتعارض مع الأعراف الأساسية لتعريف مفهوم البطالة، حيث أن الإنسان في هذه الفئة العمرية الثلاثينية يكون في أوج مرحلة من العطاء لتحقيق طموحات في أي مجتمع إنساني حتى تحقق الذات، ويجد نفسه منقلبا رأسا على عقب، وإنزال الشرط التعجيزي وهو عمر 35 سنة مستهدفا فئة عمرية تجعله يشعر بالإحباط.