من سيكون خليفة أسامة بن لادن في قيادة تنظيم القاعدة؟ سؤال لم يجد الكثيرون إجابة له حتى الآن. فلعل المرشح الأوفر حظا هو أيمن الظواهري، الذي يعتقد وجوده حاليا على الحدود الأفغانية الباكستانية، غير أن فارس بن حزام، الخبير في شؤون القاعدة يرى بأن الظواهري قد لا يكون المرشح المفضل. حسب السي ان ان يقول بن حزام: "داخل تنظيم القاعدة هناك استراتيجية محددة يتم اتباعها، فكغيرها من الميليشيات الإسلامية، مجلس الشورى هو الجهة المخولة بإصدار مثل هذا القرار، وفي هذه الحالة، يعتبر الظواهري الشخص الأكثر قربا من بن لادن، ولكن ليس بالضرورة أن يكون المرشح الأوفر حظا، لأنه يفتقر للكثير من المميزات." ولا يعتبر الظواهري شخصية ملهمة كذلك، كما يراها المتحدث باسم البنتاغون، إذ يقول: "لا يمتلك الظواهري كاريزما بن لادن، فهو لم يشارك في بداية القتال داخل أفغانستان، لذا نتوقع حدوث بعض الخلافات داخل التنظيم." البعض الآخر يرى في اليمن الملجأ المقبل لتنظيم القاعدة، كما يرون في أيمن العولقي الشخصية الأنسب لخلافة بن لادن. وحول ذلك، يعلق بن حزام بالقول: "توقف دور العولقي من نحو سبع سنوات، حين بدأ بتسيرر الأمور بصورة سياسية وإدارية ودينية، فقد كان معاونوه يديرون أمور التنظيم من دون إدارته المباشرة." إلا أن عددا من المراقبين يشككون في إمكانية إحياء فكر القاعدة، فوضعها الاقتصادي والسياسي سيء جدا. وبعد مقتل المطلوب الأول للولايات المتحدةالأمريكية، والمرصود لرأسه 25 مليون دولار، زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، على أيدي عناصر "سيلز" الأمريكية الخاصة الأحد، ثمة سؤال يدور في بال الجميع، هو: من سيرث أسامة بن لادن ويتسلم قيادة التنظيم؟ أجمع العديد من السياسيين المتابعين لنشاط تنظيم القاعدة، أن بن لادن رمز روحي بالنسبة إلى أتباعه يصعب تعويضه، رغم ما يُثار عن عدم تفعيل نشاطه في قيادة التنظيم منذ فترة. وتوقع بعض المحللين أن يكون الدكتور أيمن الظواهري - الرجل الثاني في التنظيم، من سيتولى قيادة "القاعدة"، بينما رأى آخرون أنه (الظواهري) لا يمتلك "ملكة" القيادة، أو "الكاريزما"، فيما أشار البعض إلى أمكانية أن لا يقبل به بعض قيادات التنظيم. الدكتور مصطفى العاني، مدير قسم دراسات الأمن والدفاع بمركز الخليج للأبحاث قال: "إن مكانة بن لادن كبيرة في نفوس أعضاء تنظيم القاعدة، ويصعب معها استبداله بسهولة، وبصفة عامة لا يوجد منصب رئيس أو زعيم أو أمير أو قائد في نظام القاعدة، الأمر الذي وضعه بن لادن، لكن القاعدة لها إدارة." وأضاف العاني "أن أيمن الظواهري كان يقود التنظيم بشكل فعلي في المرحلة الماضية، وهو الأكثر فاعلية على المستوى الميداني، بينما كان بن لادن يقوده بصورة رمزية، خاصةً بعد تجميد نشاطه بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. وقال العاني، في تقرير ل CNN الاميركية : "أتوقع أن يتولى الظواهري إدارة التنظيم في المرحلة المقبلة." من جانبه، قال الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بمصر، إن "جميع المؤشرات تؤكد أن بن لادن كان يمثل قيادة رمزية لتنظيم القاعدة، خاصةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول (2001)، بسبب تقليص دوره، خشية الانكشاف أمام الاستخبارات الغربية، ما جعل من أيمن الظواهري الشخصية الأكثر تأثيراً في التنظيم." وقال عبد الفتاح: "لذا فإن الظواهري هو المرشح الأول لقيادة التنظيم، نظراً لنشاطه الطويل." إلى ذلك، قال الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، إن "غياب بن لادن عن تنظيم القاعدة يعني نهاية القاعدة كما يعرفها العالم، وبالتالي لن تعود إلى ما كانت عليه أبداً، فهذا التنظيم قد ضرب ضربة قاتلة بمقتل زعيمه." وتحدث عبد الله عن الشخص الذي سيتولى قيادة التنظيم، قائلاً: "مهما كانت قوة الشخص الذي سيتولى قيادة التنظيم، فلن يحصد شعبية بن لادن، الذي هو بمثابة مصدر إلهام للقاعدة ولشباب كثيرين." وأضاف قائلاً: "الظواهري هو المرشح الأول لزعامة التنظيم، ولكنه شخص خلافي غير جذاب، وبه الكثير من المتناقضات، ولا أتوقع أن يلتفت إليه أحد كزعيم للقاعدة." أما منتصر الزيات، محامي الإخوان المسلمين بمصر، ققد توقع صدور تصريح عن تنظيم القاعدة يعلن فيه تولي شخص من منطقة شبة الجزيرة العربية القيادة، تكريماً لبن لادن، المنتمي إلى هذه المنطقة، مع إبقاء زمام الأمور الفعلي في يد أيمن الظواهري. واستبعد الزيات أن يصبح الظواهري الرجل الأول للتنظيم، قائلاً: "رغم أن الظواهري في رأيي، هو العقل المدبر لتنظيم القاعدة، إلا أنه من خلال متابعتي لنشاطه، أرى أنه يفضل دائماً دور الرجل الثاني، مبتعداً عن الواجهة." واستند الزيات في رأيه هذا إلى موقف الظواهري حين أتيحت له فرصة تولي رئاسة جماعة "الجهاد" في مصر، قبل الاندماج في تنظيم القاعدة، حيث قام بتقديم الدكتور سيد إمام، على نفسه، لتولي هذا المنصب، مفضلاً "تحريك المشهد من خلف الستار." ووصف الزيات أهمية الظواهري لتنظيم القاعدة بأهمية المخ للجسد، وقال: "الظواهري هو من ضم بن لادن لتنظيم القاعدة، فحين توجه (بن لادن) إلى أفغانستان، كان سلفي إغاثة، دورة ينحصر في تقديم الأموال، وبناء المعسكرات للمجاهدين العرب، لكن حين تعرف إلى الظواهري، تلقن الفكر الجهادي، وتحول إلى جهادي قتالي." وكان عبود الزمر، القيادي في تنظيم "الجهاد"، الذي كان ينتمي إليه أيمن الظواهري، قد قال: "إن مقتل أسامة بن لادن لن يؤثر في تنظيمه." ووصف الزمر، الذي أطلقت السلطات المصرية سراحه مؤخراً، الظواهري بأنه "صديق عزيز" عليه، وأنه "رجل طيب القلب، لكن ظروفه صعبة"، حسبما نقلت عنه جريدة "الشروق" المصرية. وفيما لم يصدر أي تعليق حتى اللحظة من جانب تنظيم القاعدة حول مقتل بن لادن، أو خليفته المنتظر، فإن الأيام القليلة القادمة قد تحمل الإجابة عن كثير من التساؤلات التي تشغل العديد من المرافقين، كما ستثبت أي الآراء أصوب في اختيار وريث تنظيم القاعدة. --------------------انتهى ------------------