لعقود طويلة ظلت دعوة الجاليات غير المسلمة في السعودية، من قبل مكاتب محلية تتبع لوزارة الشؤون الإسلامية وتعرف ب'المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات'، محصورة بفئة الرجال من الوافدين، دون اهتمام مواز بدعوة غير المسلمات اللاتي يشكلن حصة لا يستهان بها بلغة الأرقام. وتشير مسؤولة القسم الخاص بدعوة الوافدات غير المسلمات بالمكتب التعاوني الدعوي بصناعية جدة خديجة بابكر للجزيرة نت عن وجود أكثر من ربع مليون (250 ألف) وافدة يعملن فقط في جدة وضواحيها بخلاف مناطق السعودية الأخرى، ويعمل أغلبهن كمربيات، أو عاملات بالمنازل، أو ممرضات، وغير ذلك. الخطوة الأولى وبدأ إنشاء وحدة خاصة للدعوة بين الوافدات غير المسلمات قبل تسعة أشهر بشكل تجريبي، بواسطة سبع داعيات يتحدثن خمس لغات مختلفة هي (الفلبينية والتاميلية والكيرالا الهندية والبنغالية والإنجليزية)، وكانت الخطة التجريبية منذ ذلك التاريخ وحتى الإعلان الرسمي استهداف مائة وافدة للإسلام. ووفق المسؤولة خديجة بابكر فقد حققت الوحدة نجاحا وصلت نسبته إلى 50%، وهو ما اعتبرته 'نجاحاً حيوياً' يحمل دلالات مهمة في التكوين الدعوي النسائي المؤسسي. وتقوم آلية الوحدة على تعريف الوافدات بالدين الإسلامي وإعطاء خلفية واضحة عن عقائده وآدابه، إلى جانب تعريفهن بالمجتمع المسلم الذي يعشن فيه وطرق التعامل مع مكوناته الثقافية والاجتماعية والدينية، كما تعمل على إقامة الفعاليات الدعوية في أماكن عمل الوافدات بالمستشفيات والمشاغل ومراكز التجميل. وتتنوع الفعاليات ما بين الدروس والمحاضرات والدورات التدريبية إلى الأنشطة الاجتماعية المختلفة، بجانب توزيع العديد من المطويات والمطبوعات التي يصدرها المكتب باللغات المختلفة. المدير التنفيذي التعاوني لمكتب صناعية جدة حسن القحطاني، أكد للجزيرة نت أن المكتب يخدم فئة تعتبر 'مغيبة إلى حد كبير' عن تلقى الدعوة رغم تأثيرها الكبير على المجتمع. وتؤكد بابكر على وجود خطة انتشار حالية لدراسة علمية لخارطة توزيع أماكن تركز الوافدات غير المسلمات وفقاً للجنسيات. ثلاثة عوائق رئيسية يواجهها المكتب النسائي هي: 'سوء التعامل من بعض أفراد المجتمع المحلي الذي يكون عاملاً رئيساً في صد الوافدات عن الإسلام، والحاجة المتزايدة للدعم المالي للتوسع وتغطية جغرافية المستهدفات، وتغطية الطلب المتزايد على الكتب التعريفية والمواد الصوتية والمرئية التي تتحدث عن الإسلام باللغات المختلفة، وقلة المتطوعات اللاتي يتقن لغات تخدم أهداف المكتب الدعوية'. الوسائل الأربع أما على صعيد الوسائل الدعوية فتوجد أربع وسائل تستعين بها الداعيات السبع في دعوة غير المسلمات، أولها التعامل المباشر عن طريق الزيارات الميدانية لمقرات العمل والأماكن العامة التي يرتادونها، والثانية دعوتهن لمناسبات حفلات الشاي وهي من أهم الوسائل المستخدمة. أما الثالثة فترتكز على دعوة المستهدفات إلى محاضرات ممنهجة باللغات المعتمدة لدى المركز. أما الطريقة الأخيرة فإشراك المستهدفات في الرحلات الترفيهية كرحلات البحر والرحلات الوثائقية للأماكن التاريخية في جدة. وحينما سألنا بابكر عن مؤهلات الداعيات في المكتب قالت: 'اثنتان منهن يحملن درجة البكالوريوس في الشريعة، وإحداهن تواصل دراساتها العليا الشرعية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، كما أن إحدى الداعيات ولدت مسلمة وتلقت العلوم الإسلامية في مدارس بلدها وتدعو للإسلام عبر إشراف مباشر من والدها العامل في مكتب توعية الجاليات، وبقية الداعيات كن غير مسلمات وأصبحن داعيات بعد إسلامهن'. وحول الإجراءات النظامية والشرعية التي تتم مع المسلمة الجديدة بعد اقتناعها بالإسلام، فتؤكد المسؤولة أنها تؤخذ في يوم الاثنين لإشهار إسلامها في مركز الدعوة بجدة أمام اثنين من الدعاة، ومن ثم تعريفها بالإسلام وأركانه وأنها غير مكرهة على الدخول في الإسلام لأي سبب، وبعد الانتهاء من ذلك تصرف لها شهادة إشهار إسلام لحين تعديل خانة الدين في رخصة إقامتها النظامية. وتوجد مرحلة تالية تنتظم خلالها المسلمة حديثا في دروس أسبوعية شرعية خاصة تصمم لهن بطريقة ميسرة غير معقدة، حتى يستطعن الاستمرار في التعلم وعدم الانقطاع عن التلقي والاستفادة من ذلك في حياتهم الجديدة، إضافة إلى البرامج الترفيهية الأخرى كبرنامج 'الركن الوطني' حيث تعرض فيه كل جالية تراث بلدها ويتنافسن في إظهار جماليات الحياة هناك من مآكل ومشارب وألبسة وعادات.