أكد باحثون أمريكيون أن اعتقاد البعض أن باستطاعة الرجال صف سياراتهم بشكل أفضل من النساء خاطئ وأن التربية والعادات الثقافية هي التي تساهم في تنمية هذه القدرات. وأظهرت التجارب التي قام بها الباحثون تحت إشراف موشيه هوفمان من جامعة كاليفورنيا في دراستهم التي تنشر اليوم في مجلة بروسيدنجز التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم أن التربية لها تأثير كبير على قدرة أحد الجنسين على تصور الأبعاد. ولا يزال العلماء مختلفين بشأن ما إذا كانت التربية أم الصفات الفطرية مسئولة عن الفروق التي رصدت بين الجنسين بالنسبة لتصور الأبعاد المكانية. ولكن الثابت هو أنه حتى في المجتمعات التي يفترض أنها تساوي بين الجنسين فإن عدد النساء اللاتي يعملن في وظائف متعلقة بالتقنية أو الوظائف الهندسية أقل من الرجال. ويفسر بعض الخبراء ذلك بأن الرجال لديهم قدرة أفضل على تصور الأبعاد مما ينعكس في نجاحهم في هذه الوظائف. وركز هوفمان وزملاؤه على قضية ما إذا كانت التربية تؤثر على تطور القدرة على تصور الأبعاد ودرسوا هذه الفرضية إسقاطا على قبيلتين في شمال شرق الهند وهما قبيلة كاسي و قبيلة كاربي، وهما قبيلتان زراعيتان تربطهما قرابة وثيقة مع وجود العديد من الاختلافات الثقافية بينهما حيث إن قبيلة كاربي يسودها حكم الرجل والتسلسل داخل القبيلة. فالرجال فقط هم الذين يمتلكون الأرض هناك كما أن الابن الأكبر هو الذي يرث ممتلكات العائلة. إضافة إلى ذلك فإن الفتيان يتلقون تعليما أفضل من الفتيات. أما في قبيلة كاسي فإن النساء يمتلكن الأرض والمنازل ويورثون جميع الممتلكات للبنت الأصغر، بل إنه يحرم على رجال هذه القبيلة امتلاك المنازل، وهم مجبرون على دفع كل ما يكسبونه لزوجاتهم أو أخواتهم. دعا الباحثون في إطار الدراسة بعض أبناء القبيلتين للمشاركة في إحدى ألعاب الألغاز المقسمة إلى أربع مراحل. شارك في التجربة نحو 1300 رجل وامرأة إجمالا. وحصل المشاركون على أجر بالإضافة إلى 20 روبية إضافية كحافز إضافي إذا نجحوا في تركيب اللغز في أقل من 30 ثانية. كانت النتيجة أن الرجال في المجتمع الذي للرجل القوامة فيه عن المرأة نجحوا في حل اللغز أسرع عن النساء بشكل واضح في حين احتاج الجنسان في المجتمع الأمومي، الذي للمرأة فيه القوامة عن الرجل، إلى نفس الوقت لحل اللغز. كما تبين للباحثين أن الأشخاص الأفضل تعليما أسرع حلا للغز وأن كل سنة تعليم تختزل وقت حل اللغز بواقع 3ر4%. وقال الباحثون إن دراستهم توضح أن التعليم والتربية يؤثران على قدرة الشخص على تصور الأبعاد وأن تنمية هذه القدرة يمكن أن تساهم في زيادة عدد النساء في الوظائف ذات الصلة بالأبعاد. غير أن الباحثين أكدوا في الوقت ذاته أنهم لا يستطيعون استبعاد تأثير العامل الحيوي، أي المتعلق بالجينات، على تعليم تصور الأبعاد.