تواصلت الأزمة النووية التي تعيشها اليابان الأربعاء، بعد نحو خمسة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب الدولة الآسيوية الجمعة، مسبباً أمواج مد عاتية "تسونامي"، جرفت الأخضر واليابس في طريقها، وخلفت دماراً واسعاً، طال العديد من محطات الطاقة النووية المنتشرة في البلاد. ورغم الجهود الحثيثة للحكومة اليابانية، والتي فتحت الباب للاستعانة بأطراف خارجية، لاحتواء التسرب الإشعاعي الذي تم رصده في عدد من المحطات النووية، إلا أن شبح كارثة نووية محتملة، عاد ليطل من جديد خلال الساعات الماضية، ليثير الهلع، ليس في اليابان وحدها، وإنما في كثير من الدول الواقعة على جانبي المحيط الهادئ. وأعلن كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية الأربعاء، أن مستوى الإشعاع النووي بمحطة "فوكوشيما رقم واحد" للطاقة النووية، المتضررة من الزلزال، قد "ارتفع بشكل مؤقت"، في الوقت الذي نشب فيه حريق جديد بأحد المفاعلات النووية بنفس المحطة، صباح اليوم ذاته. ونقلت الإذاعة اليابانية الرسمية NHK عن وزير مجلس شؤون الوزراء، يوكيو إيدانو، قوله إن "مستوى الإشعاع بالقرب من البوابة الرئيسية، لمحطة فوكوشيما رقم 1، بدأ بالارتفاع في حوالي الساعة العاشرة صباحاً، إلا أنه بدأ بالانخفاض من الساعة 10:54 صباحاً." وقال إيدانو، في تصريحات للصحفيين الأربعاء، إن "ما يعتقد أنه دخان أبيض، رصد بالقرب من المفاعل رقم ثلاثة في حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحاً، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت هناك علاقة بين الدخان والزيادة في مستوى الإشعاع." وفيما ذكر المسؤول الياباني أن "الارتفاع المؤقت (في مستوى الإشعاع) يمكن أن يعزى إلى البخار المشع في الدخان"، فقد رجحت "وكالة الأمان النووي والصناعي" أن يكون تسرب إشعاعي من المفاعل النووي رقم اثنين، قد تسبب في زيادة مستويات الإشعاع في محطة "فوكوشيما رقم واحد." وتابعت الوكالة أن "مستوى الإشعاع بالقرب من البوابة الرئيسية للمحطة، ارتفع إلى 10 مليسيفيرت في الساعة، عند العاشرة 10:40 صباحاً بالتوقيت المحلي، لكنه انخفض ليصل إلى 2.7 مليسيفيرت في الساعة، في غضون ثلاثين دقيقة. كما أشارت الوكالة إلى أن "زيادة الإشعاع دفعت العاملين في المحطة إلى مغادرتها بصورة مؤقتة"، وأضافت أن شركة "طوكيو للطاقة الكهربائية" تشتبه في أن زيادة مستويات الإشعاع صادرة من المفاعل رقم 2، وأن القسم الخاص بالتحكم في مستويات الضغط داخل المفاعل، والمعروف ب"حوض المفاعل"، قد تضرر. من جانبها، أعلنت شركة "طوكيو للطاقة الكهربائية"، في وقت مبكر من صباح الأربعاء، أن حريقاً نشب في مبنى أحد مفاعلات محطة فوكوشيما رقم 1 للطاقة النووية، وأشارت إلى أن حريقاً كان قد اندلع في المبنى نفسه قبل يوم واحد فقط. وتابعت الشركة أن "أحد العمال رصد ألسنة لهب عند الساعة 05:45 صباحاً، بالقرب من الركن الشمالي الغربي للمبنى، الذي يضم المفاعل رقم أربعة"، إلا أنها ذكرت أنه "لم يكن من الممكن التأكد من وجود ألسنة اللهب في المبنى، بعد نصف ساعة من على بعد عشرات الأمتار." وقد اندلع الحريق في نفس الموقع من المبنى الذي نشب فيه حريق في وقت سابق الثلاثاء، حيث يوجد جهاز لتعديل سرعة مضخة تبعث الماء إلى المفاعل، وقالت الشركة إن حريقاً "نشب تلقائياً" يوم الثلاثاء، وأكدت أن "السبب غير واضح" حتى اللحظة. إلى ذلك، تبذل السلطات الفلبينية جهوداً مكثفة لاحتواء حالة الهلع التي تسيطر على سكان الجزيرة القريبة من اليابان، بسبب المخاوف من أن تمتد أثار "الكارثة النووية المحتملة" إليهم، خاصةً بعدما تبادل عدد من السكان رسائل نصية قصيرة، تحذر من أن "الكارثة باتت وشيكة." كما استبعد رئيس الوزراء الماليزي، نجيب عبد الرزاق، تأثر بلاده بالتسرب الإشعاعي في محطة "فوكوشيما" اليابانية، وقال في هذا الصدد، إن "حجم خسائر محطة التوليد النووية يطرح مخاطر جسيمة، إلا في حال أن تحدد الحكومة اليابانية حجم مخاطر التسرب الإشعاعي"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الماليزية "برناما." وتسابق الحكومة اليابانية الزمن لتفادي "كارثة نووية محتملة"، حول مفاعل "فوكوشيما دايشي"، شمال شرقي البلاد، مع تحركات محمومة لإنقاذ ناجين من أعنف زلزال في تاريخ اليابان، بلغت شدته 9 درجات على مقياس ريختر، تلاه "تسونامي" مدمر، بلغ ارتفاع أمواجه عشرة أمتار، جرفت كل ما اعترض طريقها.