من الرسائل العلمية الجيدة رسالة الأستاذة فائزة رداد عزيز العتيبي ، والتي تناولت حركة الشعر في نجران ، وقام نادي نجران مؤخرا بطباعتها . فمن المعلوم أنّ نجران كانت مدينة ذات شأن في العصور القديمة، وازدادت أهميتها في الإسلام نظرا لأهميتها التاريخية والجغرافية. ولقد سكنت المدينة من قبل قبائل عربية ذات شأن كقبيلة بني عبد المدان وهم من قبيلة مذحج العربية المشهورة . وكانت هذه القبيلة وغيرها من القبائل مليئة بالشعراء .لذا حين فكرت الباحثة في ضم حركة الشعر في نجران في الجاهلية والإسلام بين دفتي كتاب كان لا بد وأنْ تجمع نثار نصوص هنا وهناك . نظرا لقلة المصادر وغرائبيتها في ذات الوقت؛ جمعت هذه النثار الأدبية ، وجمعتها . وقد تحدّثت الأستاذة فائزة العتيبي عن نجران لغويا وتاريخيا وجغرافيا ، وتحدّثت عن أهم العوامل المؤثرة في ازدهار الشعر في نجران . وفي الفصل الأول قسّمت الشعراء الذين جمعت شعرهم إلى مقيمين ومنهم من هو في الجاهلية ومن هو في الاسلام ، وشعراء وافدين ، وشعراء لاجئين ، وشعراء لصوص، ثم تناولت في الفصل الثاني أبرز الموضوعات في شعر نجران من حماسة وفخر سواء أكان فخرا بالذات أم بالقبيلة. وإلى هجاء ونقائض وهو إمّا هجاء شخصيا أو قبليا محضا. وشعر مديح تناول التكسب ، وشعر حكمة تراوح بين الموت والفناء والحياة ، والعلاقات الإنسانية. وشعر غزل ، وشعر معاناة شخصية، كالرثاء والشكوى من الحياة والتذمر من صروف الدهر . والغربة والحنين إلى الأهل والديار والأسر والسجن . وشعر وصف . وفي الفصل الثالث تناولت القضايا والخصائص الفنية للشعر الذي جمعته ، من حيث لغته الشعرية وألفاظه وتراكيبه وأساليبه وموسيقاه . والغريب أنّ الباحثة لم تجد في سبيل بحثها الطويل عن شاعرة واحدة سكنت نجران قالت الشعر ، وعندي أنّ قبيلة مذحج العظيمة لا بد وأن تكون قد انجبت شاعرات . كما أنّ الهجرات المتواترة من جزيرة العرب في الجنوب إلى شمالها لا بد وأن تكون قد جعلت من بعض شعراء المنطقة قد اتجهوا شمالا ، كيف لا والقبائل اليمنية كانت لها اليد الطولى في الاندلس كما هو الحال بالنسبة للقبائل القيسية . ولكني أجد العذر للباحثة في كونها قد تناولت فترة زمنية محددة تنتهي بصدر الاسلام أي منتصف القرن الأول الهجري. و يحسب لهذه الباحثة تميّز بحثها الذي اتسم بعلمية جيدة ، وقد أخذت بصرامتها في الحكم على النصوص الشعرية والبت فيها. الكتاب صدر في ثلاثمائة وخمسة وتسعين صفحة من القطع المتوسط من مطبوعات نادي نجران الإدبي عام 1430ه وهي رسالة ماجستير صدرت من جامعة أم القرى تحت إشراف الدكتور حمد الزائدي .