دشنت إمارة دبي رسمياً الخميس مرفقها العملاق الجديد، مطار آل مكتوم، وهو الأكبر في العالم، بحضور نائب الرئيس الإماراتي رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي اعتبر الفرصة مناسبة للتعبير عن رضاه لسير الأوضاع في إمارته المثقلة بالديون، عبر القول لCNN بالعربية إن المشروع "جزء من رؤيته." ومع قدرة على استيعاب 150 مليون مسافر في السنة، يقف المطار الجديد وسط منطقة خالية حالياً، علماً أن مخططات حكومة دبي ترمي إلى جعلها القلب الجديد للإمارة، ما يبرز التناقضات التي يعيشها المشروع بين عوائق القروض الناجمة عن فقاعة عقارية هائلة، وبين طموح التوسع الاقتصادي الذي لا يرتكز في دبي على ما تخرجه الأرض من نفط أو غاز. ويرى البعض أن المشروع هو "لعبة قمار جديدة" لدبي، التي اعتادت على إطلاق الخطط التي تحمل الكثير من المجازفات، إذ سبق لها أن حولت مطارها من محطة صغيرة قبل عقود إلى عقدة مواصلات بين الشرق والغرب عبر منها أكثر من 40 مليون شخص عام 2009. ورغم الأزمة المالية الحالية في دبي والعالم، إلا أن منطقة الشرق الأوسط ظلت تشهد نمواً على صعيد النقل الجوي، وتتوقع منظمة IATA أن تكون المنطقة السوق الأنشط للنقل لعقود مقبلة، ما يعزز أوراق دبي في المراهنة على الاستفادة من هذه الفرصة، خاصة وأن قطاع الطيران حالياً مسؤول عن ربع اقتصادها الكلي. الشيخ محمد بن راشد قال لCNN بالعربية: "هذا المطار جزء من رؤيتي.. دبي وعدت وهي اليوم تفي بالوعد في الوقت المحدد." أما الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئه الطيران المدني في دبي، والمشرف على السياسة المالية في الإمارة، فقال إن المطار سيعمل بالمرحلة الأولى على خدمات الشحن، على أن تفتتح خدمات المسافرين في مارس/آذار المقبل. وأضاف الشيخ أحمد: "نشعر بالرضا حيال عمل خدمات الشحن، ولدينا أكثر من 13 شركة أعربت عن رغبتها في العمل انطلاقاً من هذا المطار، وسيكون هناك شركات كثيرة أخرى نعلن عنها في المستقبل القريب، ولكن لا يسعنا اليوم الكشف عن أسمائها." وتعمل وحدة الشحن في المطار حالياً بطاقة 250 ألف طن، ترتفع مستقبلا إلى 600 ألف طن، حيث بلغت تكلفة المرحلة الأولى قرابة 800 مليون دولار، لتصل كلفته الإجمالية أكثر من 32 مليار دولار. وسبق للشيخ أحمد أن أشار إلى أن تمويل المشروع بمرحلته الأولى كان بمصادر ذاتية، دون الحاجة للاستدانة، لكنه لم يستبعد أن تعمد دبي للبحث عن تمويل لسائر المراحل. ويعتقد البعض أن الضغط المالي ألقى بثقله على المشروع الطموح منذ اللحظات الأولى لأزمة دبي الاقتصادية، إذ كان من المقرر أن يكون للمطار ستة مدرجات متوازية، ولكن جرى خفض العدد في وقت لاحق إلى خمسة، وذكرت تقارير أن الأسباب الكامنة خلف القرار مالية، بينما نفى بول غريفيث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة مطارات دبي، ذلك، ورأى أن الأسباب كانت محض "فنية." وبصرف النظر عمّا تقدم، فإن المطار يبدو وكأنه الدليل على الاتجاه الجديد الذي ترغب دبي في الاعتماد عليه للعودة إلى النمو مستقبلاً. ففي مقابلة جريئة مع CNN، كان الشيخ أحمد بن سعيد قد أكد قبل أكثر من شهرين على أن اقتصاد الإمارة سيعتمد على الخدمات والسياحة والنقل الجوي. وأكد الشيخ أحمد عزم دبي عدم العودة إلى مرحلة الطفرات العقارية، بل وعدم الترحيب مستقبلاً بالمضاربين العقاريين الذين ساهموا في تضخيم الأسعار وجعلوا أزمة الإمارة أكثر صعوبة. وقال الشيخ أحمد خلال المقابلة: "تعلمنا أن نركز على القطاعات التي تشكل صلب النشاط الاقتصادي للإمارة، وهي السياحة والخدمات وإعادة التصدير، وهذه القطاعات هي مستقبل الإمارة.. على العاملين في القطاع العقاري إعادة النظر بخططهم وأعمالهم وتطلعاتهم المستقبلية." وبعد المقابلة بأسابيع، أذهلت طيران الإمارات التي يرأسها الشيخ أحمد العالم بصفقة طائرات عملاقة، جاءت في ذروة ركود الطيران العالمي، إذ وقعت عقداً لشراء 32 طائرة من طراز A380، بقيمة 11.5 مليار دولار، ما يؤكد أن التوجه الجديد هذا بدأ يظهر على أرض الواقع. وتقدر بعض التقارير المبالغ المترتبة على إمارة دبي والشركات التابعة لها ما بين 80 و120 مليار دولار، وتشكل قروض الشركات العقارية النسبة الأكبر منها. وكانت الإمارة قد واجهت ظروفاً حرجة للغاية خلال العام الماضي، ما دفع شقيقتها الثرية بالنفط، أبوظبي، للتدخل ومدها بالأموال. يشار إلى أن مطار آل مكتوم الدولي يقع في قلب مشروع يحمل اسم "دبي ورلد سنترال" الذي يغطي مساحة 140 كلم مربع في منطقة جبل علي، وهو عبارة عن مدينة متكاملة لخدمات الطيران، مع مساحات سكنية وتجارية. وتصل طاقة مطار آل مكتوم الاستيعابية النهائية إلى 12 مليون طن سنويا، ومن المتوقع أن يساعد قربه من ميناء جبل علي، أحد أكبر وأنشط موانئ الخليج، على تعزيز حركة الشحن البحري الجوي.