يتفق علماء المناخ والجو ودارسو التغيرات الكيميائية في تركيبته، على القول إنه من المبكر جدا معرفة كامل تأثيرات سحابة الرماد الكثيف المنبعث من فوهة بركان ايافيالايوكل في ايسلندا، في حين أن علماء البراكين أنفسهم لا يملكون بعد ما يساعدهم في معرفة المدى الذي سيبلغه تطور ثورة البركان في المستقبل. حيرة العلماء ناتجة عن عدم امتلاكهم معطيات علمية عن طبيعة هذا البركان، الذي كانت آخر ثورة كبرى له حصلت عام 1821. وبالتلي لم يكن ممكنا وقتها توثيق طبيعة الحمم والغيوم التي انبعثت من البركان والآثار التي خلفتها على تركيبة الأجواء التي انتشرت فيها. يشتغل العلماء حاليا على البحث عن إجابات وافية لأربعة اسئلة محورية، تثيرها السحابة البركانية في أجواء العلم، وهي: متى تندثر هذه السحابة؟ ما مسارها؟ ما الذي تحمله الغيوم البركانية؟ ما التأثيرات المحتملة على المناخ؟ أسابيع.. وربما أشهر في الجواب عن السؤال الأول، يؤكد خبير البراكين في معهد الفيزياء الكونية في باريس ادوارد كامينسكي ان ثورة «ايافيالايوكل» ستستمر لفترة قد تطول من أسابيع إلى أشهر. وفي المقابل، يرتقب أن تتراجع قوة الانفجار عندما يكتمل ذوبان الجليد الذي يحيط بفوهة البركان. ذلك أن السحابة المتشكلة حاليا انما تتولد من الصدمة الحرارية الناتجة عن التقاء الحمم والجليد. أما بالنسبة لمسار السحابة البركانية، فإنه لا يمكن للعلماء ومراكز الأرصاد تحديد اتجاه واضح بصورة موثوقة، نظرا لارتباط حركة السحب باتجاهات الريح وتطورات الضغط الجوي، التي قد تغير فجأة وتخالف التوقعات. وفي ضوء المعطيات الحالية يرتقب ان يبدأ تساقط الجزيئات التي تحملها السحابة البركانية، على الأرض، خلال الأيام القليلة المقبلة، بفعل الجاذبية الأرضية، أو بفعل تساقط الأمطار. وفي هذه الحال، ستخف الآثار السلبية لانتشار الغيوم البركانية في الجو، لكن لتبدأ في المقابل هموم معرفة تأثيرات الجزيئات التي تحملها على الحياة في المناطق التي تتساقط فيها، لأن ذلك مرتبط بطبيعة المواد التي تتكون منها هذه الجزيئات. لكن ما ذا تحمل هذه الجزيئات وما تأثيرها على المناخ؟ حتى الآن، وبعد متابعة ما تحمله السحابة البركانية في تحركها على ارتفاع يتراوح بين 5000 و8000 متر، لم يسجل أي أثر سلبي ملحوظ على الحياة الأرضية. لكن العلماء يلفتون إلى أنه من المستحيل معرفة مدى تركز الجزيئات في الغلاف الجوي العلوي الموجود على ارتفاع يزيد على 8000 متر، علما ان تركز هذه الجزيئات على ارتفاع 15000 متر وما فوق، سيشكل غلالة تخفف من حرارة الشمس الواصلة إلى الأرض، مما سيؤدي إلى طقس بارد نسبيا كما حصل عام 1991 من تأثير الغيوم التي سببها ثوران بركان بيناتوبو في الفليبين. شركات الطيران تعطل الرحلات الجوية فوق شمال أوروبا وغربها، هو الوجه المكشوف حاليا للأثر السلبي لاحتلال الغيوم البركانية أجواء القارة العجوز. ويرتقب أن تشهد الأيام المقبلة تفاعل السلبيات الناتجة عن شلل حركة الطيران وما يرتبط بها من مصالح، وبرامج عمل ومشاريع كبرى، بل واجتماعات ومؤتمرات سياسية ومالية، وغير ذلك من يوميات الحياة، بحيث تصبح ال 200 مليون دولار، التي تتكبدها شركات الطيران كخسائر يومية، رقما متواضعا أمام حجم الخسائر التي تتراكم جراء اختلال برنامج الحياة العامة وانقطاع المسافرين عن أعمالهم..الخ، علما أن وسائل النقل البرية والبحرية تشهد حاليا اختناقات كبيرة. لكن شركات الطيران لم تقف مكتوفة الأيدي بل عمدت إلى تحدي مخاطر التحليق بطائراتها وسط السحابة البركانية. وقد حملت شركة الطيران الهولندية KLM لواء المبادرة وسيرت رحلة بدون ركاب يوم الجمعة، بين امستردام ودوسلدورف، وفي مسار ال 13 ألف قدم، وهو الحد الأقصى المسموح به لارتفاع طائرات الطيران المدني، من اجل اختبار قدرة طائرتها على مقاومة الآثار السلبية للجزيئات المتواجدة في السحابة البركانية، على المحركات وغيرها. وحذت حذو الهولندية كل من «لوفتهانزا» الالمانية و«اير فرانس» الفرنسية، على أمل الا تكون المخاطر بحجم المخاوف، وان تخرج بنتائج مطمئنة تقنع سلطات الطيران في اوروبا باعطاء الضوء الأخضر لإعادة تسيير الرحلات. بركان وشيك حذر عالم ايطالي بارز في مجال علوم البراكين من ان بركان «مارسيلي»، الذي يعتبر اخطر البراكين الاوروبية الواقعة تحت سطح البحر، يمكن ان يثور من جديد ويطلق موجات مد عاتية (تسونامي) تطوق سواحل ايطاليا الجنوبية. وسيحاط البركان بصفائح ضعيفة وهشة وانه يمكن ان ينطلق في اي لحظة. وقال بوتشي الذي يرأس ايضا المعهد القومي الايطالي للدراسات الجيوفيزيقية وعلوم البراكين ان نتائج آخر الابحاث العلمية التي اجراها الباحثون في المعهد افادت بان «الصفائح الصخرية المحيطة بهذا البركان ليست قوية او صلبة، وانها يمكن ان تنهار في اي لحظة». مناخات الماضي في دراسة جديدة تناولت المناخ في العصر البليوسيني المتوسط، خلص فريق من العلماء باشراف دانيال لانت (جامعة بريستول، بريطانيا) الى ان درجات الحرارة كانت انذاك اعلى ب 3 الى 5 درجات مما هي عليه اليوم، فيما احتوى الجو على نسبة اكبر من ثاني اكسيد الكربون. ومن خلال دراسة عينات ترسبات اخذت من قاع المحيطات، اكتشف ان ارتفاعا «ضعيفا نسبيا» في مستويات ثاني اكسيد الكربون في الجو ادى الى «تضاعف كبير في ارتفاع حرارة الكوكب قبل 4،5 ملايين عام». وفاق معدل درجات الحرارة حول الكوكب ما هو عليه الان بنحو 2 الى 3 درجات مئوية، فيما راوحت نسبة ثاني اكسيد الكربون في الجو بين 365 و415 جزيئة في المليون، وهي نسبة قريبة من الكثافة الحالية. التأثيرات المدمرة للبراكين 1- الرماد البركاني الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت (تسبب تحوله إلى حامض في إتلاف المحاصيل الزراعية في روسيا ومنحها مجاعة طويلة تعتبر واحدة من أسوأ مجاعات القرن العشرين) والبازلت والنتروجين وكلوريد الهيدروجين وفلوريد الهيدروجين (يذوب في الغيوم ويسقط على الأرض كمطر حامضي قاتل) وأول أكسيد الكلور (الذي يعتبر محطما للأوزون) والعديد من المركبات العضوية الضارة في الستراتوسفير. 2- انخفاض الإشعاع الشمسي، وتأثيراته المتعددة، كانخفاض درجة حرارة الأرض (يُعزَى انخفاض درجة حرارة الأرض نصف درجة على الانفجارات البركانية التي حصلت في القرن الماضي). 3- تدفق الحطام وما يخلفه من تدمير. 4- زيادة الحقن البركانية والينابيع الحارة. 5- الإبادة الجماعية. وهو ما خلفه الانفجار الهائل لأوردفاني الذي شكّل «الفخاخ السيبيرية»، الذي يعتبر أكبر انقراض جماعي حصل في ال 500 مليون سنة الأخيرة من تاريخ الأرض، حيث سبقه تدمير شامل أدى إلى انقراض %90 من أنواع الكائنات الحية بتخمين العلماء. 6- وجود الرماد في الهواء له تأثيرات خطيرة في الطائرات، نشأت هذه الظاهرة بعد انفجار بركان اندونيسيا عام 1982 وآلاسكا عام 1989، حيث لوحظ ان جزيئات الرماد تذاب بدرجة حرارة التشغيل العالية، وتم الاتفاق بين تسعة مراكز استشارية لمؤسسة الطيران المدني الدولية، نصحت فيها بتجنب الطيران في ظروف وجود الرماد البركاني ومخلفاته. أوروبا بانتظار شتاء بارد جدا توقع باحثون ان تشهد بريطانيا والقارة الاوروبية عموما فصول شتاء باردة جدا وبشكل متكرر في المستقبل بسبب انخفاض النشاط الشمسي. بحسب دراسة نشرتها دورية «رسائل ابحاث البيئة» ربطت بين قلة البقع الشمسية والظروف الجوية التي «تعيق» الرياح الدافئة الآتية من الغرب من الوصول الى اوروبا خلال اشهر الشتاء. واشار الباحثون الى ان هذه الظاهرة اثرت حتى الآن في منطقة محددة فقط ولن تغير مستوى الدفء في العالم. وقال معّد الدراسة مايك لوكوود، وهو استاذ الفيزياء وبيئة الفضاء في جامعة ردينغ بالمملكة المتحدة، « وفقا للمعايير الحديثة كان لدينا فقط ما يمكن تسميته شتاءً باردا جدا، واردت معرفة ما اذا كان ذلك مجرد صدفة او ان له اهمية كبيرة من الناحية الاحصائية». واجرى لوكوود وزملاؤه، الذين شاركوا في اعداد الدراسة، مقارنة بين المستويات المنخفضة للنشاط الشمسي خلال الفترة التي يطلق عليها «موندير مينيموم» في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وحتى تجمد بعض الانهار في اوروبا بسبب البرودة الشديدة في فصول الشتاء ،وهي الفترة التي كان يطلق عليها في ذلك الوقت «العصر الجليدي الصغير»، واعقبها ازدياد تدريجي في النشاط الشمسي دام قرابة 300 سنة. واوضح ان « هناك عددا من الاحتمالات التي قد تفسر هذا الارتباط.