معد التقرير مشعل بن عبدالله بينما يصحو سكان غابة سقام على تغاريد الأطيار الشجيّة ونسائم الأزهار الشذيّة ؛يصحو سكان حي الشرفة على سحابة من الدخان المشبع بالغازات السامّة التي ينفثها (مكب النفايات التابع للأمانة) أو بالأصح (محرقة الشرفة)!!. منذ اليوم الأول اشتكى أهالي الشرفة من وجود هذا (المكب الكئيب) بين ظهرانيهم لما له من أضرار ومخاطر صحيّة وبيئية جسيمة,ولكن شكاويهم تلك الجماعية منها والفردية لم تؤتي ثمارها المرجوة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير. في هذا (المكب) تُرمى كل أنواع النفايات الضارة وغير الضارة..بلاستيك..معادن..أصباغ..مواد كيميائية..أدوية وعقاقير ومخلفات طبية ومن ثم تُحرق على حين غفلة كما يعتقد بعض سكان الحي!! وفي صبيحة هذه الجمعة المباركة استيقظت باكراً على رائحة الدخان الكريهة,فقررت أن أقوم بزيارة استكشافية لهذه (الحفرة اللعينة),وعندما وصلت إلى الموقع وجدت رجال الدفاع المدني يخمدون النيران المشتعلة في أكوام القمامة,ثم ذهبت إلى العامل(عربي الجنسية) المسئول عن أعمال (المكب) وسألته:هل أنتم من أحرق هذه النفايات؟ فأجاب: "لا..نحن نجمّعها هنا ومن ثم نعبئها في شاحنات خاصة وننقلها إلى المرمى الرئيسي في (خباش)"!. فمن المتسبب في الحريق إذاً؟ "هناك بعض الشباب الصغار يدخلون إلى المكب ويخرجون منه دائما وقد يكونون هم من يفعل ذلك". ولكن الحريق يتكرر كل أسبوعين تقريبا..أي أنه يبدو عملاً ممنهجاً ومنتظماً؟!.. لم يُجب العامل وانصرف راشداً!!. وداخل (مكب نفايات) قابلت السيد/مانع حميدان آل الثور والذي كان يبدو عليه الامتعاض والتبرّم من هذا الوضع المأساوي..سألته:لِمَ لا تطالبون بإزالة هذا المكب الضار من حيّكم يا عم مانع؟. فأجاب: "مابقّينا جهد!!..لكن يد لحالها ما تصفق.. ثم تنهد ودعا على المتسبب بهذا الضرر.." وبعده قابلت الشاب/مانع صالح اليامي والذي أفاد: "مرمى النفايات آذانا بشكل كبير جداً,فكل أسبوع أو أسبوعين على أكثر تقدير يحترق ويلوث الأجواء,وقبل شهر تقريباً حدث حريق هائل غطى بدخانه سماء الشرفة تقريبا,وقد بدأنا نشك بأن عمال الأمانة هم من يحرقون هذه النفايات بقصد التخلص منها,وليس بفعل أيادي مجهولة كما يزعمون!..كما أن إنشاء مرمى للنفايات في حي سكني يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون..فهناك مرضى الربو من الأطفال ومن كبار السن اللذين يتضررون من دخان حريق النفايات وبعضهم قد يُرقّد في المستشفى لأيام بعد هذه الحرائق القذرة..إننا فعلا نعاني من تكاثر الذباب,والروائح الكريهة,والدخان…جراء هذا المكب,فإذا كان لديهم مرمى عام خارج النطاق العمراني فلِمَ لا يحملون إليه هذه النفايات مباشرة دون أن تمر من هنا أو تحرق,وقد اشتكينا حتى سئمنا الشكوى ولا حياة لمن تنادي!.,ولكن أملنا في الله تعالى ثم في ضميرٍ حي لمسئول يخشى الله فينا ويستشعر معاناتنا ". إن إنشاء مكب(مرمى..مدفن..مكبس..محرقة للنفايات) في حي مكتظ بالسكان لهو كارثة بكل المقاييس المهنية والإنسانية,وأنا على يقين بأن نسبة المصابين بأمراض الجهاز التنفسي من سكان الشرفة ستتزايد مادام هذا الوباء جاثماً على صدر الحي, وحتى لو لم تُحرق تلك النفايات فهي تشكل خطراً على البيئة,فمن المعلوم أن الشرفة منطقة زراعية وبالتالي فإن تسرب المواد السامة إلى التربة سيؤثر سلباً على خصوبتها,لذا ينبغي على الجهات المختصة في أمانة المنطقة أن تتخلص من النفايات بطرق علمية وآمنة,أو تعيد تدويرها إن كانت تلك الجهات مؤهلة لتنفيذ هكذا مشروع,والذي لا أظنه سيكون مكلفاً مقارنة بما في خزانتهم العامرة من مال!!..وكم كنت أتمنى أن تنصرف أمانة نجران لمعالجة هذه القضايا الحساسة بنفس تلك الحماسة والهالة والزخم والحشد والتعبئة.. التي نشاهدها في مهرجانات صيف نجران!!. مسك الختام: في نجران لا نحتاج إلى توعية المواطن بقدر ما نحن بحاجة إلى توعية المسئول!!..ولكن عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان وسلامته من الأذى فإن المطالبة بإزالة (المسئول المقصر) تصبح أوجب من المطالبة بإزالة مكبٍ للقمامة!!. .