تعد الفيتامينات من المركبات الحيوية العضوية المفيدة لغذاء جسم الإنسان، إلا أن الإنسان بقدرة الله عز وجل لا يستطيع أن يكوّن معظمها في أنسجته الداخلية، ومن ذلك فيتامين "د" الذي يعاني من نقصه الكثير من سكان العالم ومنهم السعوديون، على الرغم من أن مصدره الطبيعي "أشعة الشمس" التي يقدَّر متوسط أشعتها الساقطة على المملكة 2200 كيلو واط في الساعة لكل متر مربع، لوقوعها في منطقة الحزام الشمسي للأرض. وتبرز أهمية فيتامين "د "في كونه يساعد على امتصاص الكالسيوم والفسفور اللذين لهما دورًا بارزًا في سلامة عظام الإنسان وتقوية عضلاته، إلى جانب مكافحة الكثير من الأمراض بخلاف ما كان يعتقد سابقًا، حيث خلصت الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية إلى أن فيتامين "د" يقلّل من خطر الإصابة بسرطان القولون، والثدي، وأمراض القلب، والسكري من النوع الأول، والإنفلونزا، خاصة لدى النساء. وفي ذلك السياق، قال أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة الملك سعود، المشرف على كرسي الأمير متعب بن عبدالله لأبحاث المؤشرات الحيوية لهشاشة العظام الدكتور ناصر بن محمد الداغري، إن "فيتامين د " من أهم مصادر غذاء الإنسان، إلا أن الكثير من السعوديين يعانون من نقصه الشديد بسبب عدم تعرضهم للشمس بشكل يومي نتيجة البقاء لفترات طويلة في أماكن معزولة عن ضوء الشمس في المنازل أو في مقرات العمل، وامتد ذلك إلى المركبة حيث يحرص البعض على تظليل زجاجها بعازل حراري، إضافة إلى قلة تناول المواد الغذائية المفيدة للصحة، وتناول الوجبات السريعة. وأوضح الدكتور الداغري في حديث لوكالة الأنباء السعودية أن أعراض نقص "فيتامين د" لدى الإنسان تتبين من خلال ظهور آلام في العضلات والعظام، خاصة في أسفل الظهر، وتكرار حالات الصداع المزمن أو الشعور بآلام في الرقبة، مع حدوث أعراض نفسية كالاكتئاب، والشعور بالإرهاق، وزيادة الأوجاع العضلية، واضطراب النوم، وتدني الانتباه والتركيز، وضعف الذاكرة، علاوة على الشعور بالخوف دائمًا، والاستفزاز من أي موقف، والضعف الجنسي. وأكد أن الأشخاص المصابين بنقص فيتامين "د" عرضة لأمراض هشاشة العظام، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان، خاصة النساء الحوامل، حيث يكنّ أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بمرض السكري (النوع الأول) والربو، والأمراض المناعية، بينما يتسبب نُقصه لدى الأطفال في إصابتهم بالكساح الذي يؤدي إلى تأخر النمو الطبيعي وتأخر ظهور الأسنان. ويتكون ضوء الشمس من مزيج ستة ألوان هي: البنفسجي، والأزرق، والأخضر، والأصفر،والبرتقالي، والأحمر، ولكل منها طول موجي وتردد يميزه عن غيره ويعطيه اللون الخاص به، واستشعار العين للألوان يتباين في الرؤية إذ تعد أكثر تحسساً للونين الأصفر والأخضر، منها للونين البنفسجي والأحمر. وقال الدكتور حسام بن إبراهيم خنكار أحد الباحثين في معهد بحوث الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، إن 98 % من أشعة الشمس الساقطة على الغلاف الجوي للأرض موزعة على ثلاثة أنواع هي : الأشعة فوق البنفسجية بنسبة 8 % ويُمتص معظمها بقدرة الله عز وجل داخل الغلاف الجوي قبل وصولها للأرض لخطورتها على الإنسان، والأشعة المرئية 47%، والأشعة تحت الحمراء 43%. وبين خنكار في حديثه ل"واس" أن المملكة من أفضل دول العالم التي تتعرض لنسب عالية من الإسقاط الشمسي بشكل يومي، حيث تتراوح ما بين 1200 كيلوواط إلى 2800 كيلوواط في الساعة لكل متر مربع، وأكثرها إشعاعًا "منطقة تبوك". وفيما يتعلق بكيفية اكتساب فيتامين "د" من ضوء الشمس، أفاد الدكتور ناصر الداغري أن الفيتامين يتم تصنيعه تحت الجلد بعد (5 دقائق) من تعرض الإنسان للشمس التي توفر90 % من احتياجاته له، مبينًا أنه يكفي الإنسان التعرض اليومي لأشعة الشمس مباشرة دون استخدام أي كريمات على الجلد مدة 10 دقائق حيث تمدّه ب " 1000 وحدة دولية" من الفيتامين، عن طريق كشف اليدين والقدمين للشمس. ولفت إلى أن أفضل أوقات التعرض للشمس للتزود ب"فيتامين د" تبدأ من الساعة 9 صباحًا إلى الساعة الثالثة بعد الظهر (في فصل الشتاء)، وفي فصل الصيف من الساعة 8 إلى 10 صباحًا، ومن 2 إلى 4 بعد الظهر، وذلك لوجود الأشعة فوق البنفسجية "ب " التي تسهم في تكون فيتامين "د " كما يمكن التعرض للشمس نصف ساعة لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 4 أيام أسبوعياً. ونوه الدكتور الداغري إلى أن أصحاب البشرة الداكنة يحتاجون الى فترة أطول من ذلك بكثير، بسبب وجود صبغة (الميلانين) العالية التي تعيق امتصاص أشعة الشمس لتنشيط "فيتامين د 2 " الخامل إلى "فيتامين د 3 " النشط في الجلد. وذكر أن نوعية مستوى "فيتامين د" لدى الإنسان يحدده الأطباء وفق تحليل الدم كالتالي: (75 نانومول – مستوى كافٍ) ومن ( 30- 75 نانومول مستوى غير كافٍ)، ومن ( 20 – 30 نانومول مستوى ناقص) و أقل من 20 نانومول مستوى نقص شديد في الفيتامين. وقدم الدكتور ناصر الداغري مصادر أخرى لاكتساب فيتامين "د" بالإضافة إلى مصدره من الشمس، تمثل ذلك في مصادر غذائية تحتوي على نسب متفاوتة من الفيتامين مثل: زيت كبد الحوت، وكبد القرش، وكبد سمك الهلبوت، والأسماك الدهنية مثل: التونة، والسردين، والماكريل، والرنجة، إلى جانب المحار، والكافيار بأنواعه، والحليب كامل الدسم، والبيض، وجبنة الريكوتا، والمشروم (الفطر) الذي يتعرض للتجفيف تحت الشمس، وبعض أنواع عصير البرتقال. وعن هذه المصادر الغذائية، قالت أخصائية التغذية العلاجيّة في مدينة الملك فهد الطبية الجوهرة النصيب، إن كمية 100 جرام من زيت كبد الحوت يحتوي على 884 سعرة حرارية، وكمية 156 جرامًا من التونة تحتوي على 200 سعرة، و 92 جرامًا من سمك السردين يحتوي على 191 سعرة، والكافيار الأسود والأحمر يحتوي 16 جرامًا منهما على 40 سعرة، و 156 جرامًا من سمك الهلبوت يحتوي على 223 سعرة. وأضافت أن الكوب الواحد من الحليب كامل الدسم يحتوي على 146 سعرة حرارية، والبيضة الواحدة 72 سعرة، والمشروم 15 سعرة، وجبنة الرويكتا 428 سعرة لكل 246 جرامًا. وحذرت من تناول أي غذاء دون الرجوع إلى الطبيب المعالج، حيث أن تناول الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية قد تضرّ بعض الذين يعانون من أمراض أخرى: كارتفاع الكوليسترول، وأمراض القلب، والسكري، وغيرها من الأمراض. ودعا أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة الملك سعود، المشرف على كرسي الأمير متعب بن عبدالله لأبحاث المؤشرات الحيوية لهشاشة العظام الدكتور ناصر الداغري، إلى توعية الأمهات خاصة الحوامل منهن إلى الاهتمام بتغذية أبنائهن التغذية السليمة التي تعود عليهم بإذن الله بالنفع وذلك منذ ولادتهم، كما دعا إلى إقامة حملات إعلامية توعوية في مدارس التعليم العام والجامعات لتوضيح خطورة التساهل في نقص "فيتامين د" والحرص على التعرض للشمس بشكل يومي.