قابلتها بعد مضي سنوات طويلة من آخر لقاء جمعنا في مرحلة البكالوريوس , وكل منا اصبحت لها حياتها من عمل ومسؤليات ألزمتنا بها بعض التغيرات الإجبارية التي فرضتها الحياة قصراً علينا حيث إن التأقلم الكائن ساعدنا على تقبل كل ماهو ممكن لتغيير الذي نلزم به أنفسنا , لقد تغيرنا كثيراً قلباً وقالباً وشققنا طريقنا الذي كنا نحلم به حققنا ربع خيالات الطفولة التي كنا نرسمها على السبورة الخضراء , ودفاترنا ممزقة الجوانب , وسواليفنا التي كنا نبتدأها " بأنا أحلم أن أُصبح ……." كنا نسعى لنّجاح بمساندة أبائنا لا أعلم هل لمقولة أوبرا ونفري التي تقول فيها : " الحظ هو التقاء التحضير مع الفرصة" قد لعبت دوراً كبيراً في حياتنا , ولكنني أجزم بل واعترف أنني أقتنصت الفرصة مع إلتقاء التحضير المسبق لها فتكّون حظي في الحياة بعد أمر الله , كانت هذه الصاحبة التي التقيتها قد تخرجت من الجامعة ولازالت تبحث عن عمل كانت متفوقة جداً بيننا , في المقابل أنني كنتُ بالنسبة لها مهملة كانت دائماً تردد امامي وأمام بعض الزميلات أنها الأفضل وأنها ستتفوق في أخذ الوظيفة المرموقة بيننا كانت مختالة مصابة بمتلازمة الغرور , كان يحق لها أن تختال لأنها تستحق من وجهة نظري ان تُباهينا , حين رأتني بعد سنوات طويلة قررنا أن نعقد يوماً للقاءٍ نسرد أيام الذكريات , والدراسة , والمشاغبة في صفوف الدراسة , ونطمأن على سير الأيام وما أحدثت علينا من نوائبٍ وخطوب , كان هذا اللقاء الذي خططنا له مسبقاً من أجمل اللقاءات التي امتعتني في الفترة الحالية والسبب أن الماضي كان حاضراً فيها افترقنا وهي تردد لقد تغيرتي وأتمنى لو اتغير للأفضل مثلك وحقيقة لم ادرك يا صباح انني كنت زميلة لكِ إلا بالدراسة فقط , هممت بأن أخبرها ان تترك غرورها بأنها الأفضل وأنها الأشطر وأنها التي على رأسها الريشة ولتبدأ بتكوين نفسها ولتبدأ التغيير , ولكن أدركت أن بعض الصراحة مجحفة وأن البعض لا يقبلها من فرط حساسيتها فقررت أن ابتسم واتمنى لها التوفيق . لقد كان الفارق بيني وبينها أنني اقتنص الفرص وهي تحاول إقناعي بتورية الكلمات أن الفرص لايمكن إقتناصها لأنها من وجهة نظرها تعتبرها لاتليق بها و صاحبتي لم تتغير على كل حال و مازال الغرور يسكن طيبتها .. لذا مادمت تختلط بالناس أيها الممتاز فلا تنظر لهم بدونية ,ولا تحتقر من يرقع الثوب, ولا من ينطق السين ثاء لأن في ذلك ردة فعل ستقف عندها يوماً خجلاً من نفسك , أعرف شاباً كان يعاني من اللثغة وهو بالمرحلة الإبتدائية وكان يأخذ علامات متدنية في مادتي القراءة والقرآن بل وكان يتعرض لتوبيخ من أساتذته القساة, وكانوا أصحابه يعايرونه بهذه اللثغة , ومرت الأيام والسنوات وأصبح هذا الشاب طبيباً فحضر لديه أحد المرضى في قسم الطوارئ وكان هذا المريض يعمل موظفاً بسيطاً وقال : هل أنت ذلك الألثغ الذي كان معنا في المدرسة الإبتدائية فرد الشاب الطبيب : نعم أنا هو "بشحمه ولحمة" وأنظر ماذا عملت لي اللثغة التي كنتم تستهزؤن بي من اجلها لقد اختفت ياصاحبي عندما كبرت وجعلت مني طبيباً يلبس السكرابز ! أخيراً نحن نتغير لطليعة للأفضل للمنصب والجاه في ظل الظروف المناسبة التي نقتنصها , ولكن إياكم ياسادة أن تصدقوا أن الجوهر يتغير , فهل رأيتم يوماً أن الروح تتغير ؟ ! *نبض . تفاصيل البشر المزدحمة أمامي كأنها تقف على اطراف أصابع القدمين ، إنها تشبه رقصة البالية التي يتوازن فيها الجسد والروح من فاجعة السقوط ! . بقلم أ. صباح علي الاسمري كاتبة صحيفة نجران نيوز الالكترونية