ليس لأحلامنا معنى ، لأنها لا تحمل جواز سفر في هذه الدنيا ، وتلك هي أحلام الفقراء ، أحلامهم بسيطة لا تتعدى وجبة غذاء أو كسوة لاطفالهم ، بسيطة ولكنها بالنسبة لهم مستحيلة ، أحلام فقدت بصرها بسبب قساوة الدهر وألمه . وحش يلتهم العقول ويقتل القلوب ويخنق الأحاسيس الإنسانية ويجعل المرء يهيم في درب الحياة دون أمل ، هذا هو الفقر الذي نسمع عنه ويمر في مسمعنا ولكن سرعان ما أن يتلاشى. نرمق الفقر بنظرات حقيره ، نستوحشه نهرب من قصصه ومجتمعنا لا يخلو من الفقر والفقراء ، نعم انه يعيش بيننا ويسير بخطى ثابتة ، أمله كبير في تجاوز المحن وإدراك أهمية المستقبل ، إن كان أعزبا فانه ينتظر الفرج ليكمل نصف دينه ويتزوج وان كان متزوجا ينتظر الفرج ليخرج من سكنه المستأجر او غرفته المتواضعة مع أهله ليبني بيتا يعيش فيه لينتظر المستقبل المحمل له بالمفاجأت . الفقير ، أمضى عقودا وهو ينتظر الفرج ، عاش في وطن الحرمين الشريفين وهو ينتقل من مرحلة الى مرحلة انتقل من عهد الفوضى والقتل والتشرد إلى عهد الامان عندما تأسست هذه البلاد الخيرة على يد المغفور له المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ثم انتقل هذا الفقير الى مراحل التكيف مع متغيرات الحياة وعاش وهو يجاهد بحثا عن الرزق ومجابهة أعباء الحياة الثقيلة . من هو الفقير بيننا ؟؟ هو من يعيش بوطنية صادقة ولا يمد يده حياء وشيمة لنفسه … هو من تمنعه العادات الاجتماعية من الذهاب الى الجمعيات الخيرية ليحصل على ابسط الامور لأسرته … هو من ينتظر حتى الساعة الحادية عشرة ليلا ليذهب لبقالة بعيدة عن أعين الناس بعيدا عن الانحراج ليستلف حاجة اسرته من الغذاء …. هو من يجاهد كي يوفر لقمة العيش لأبنائه . الفقر ، الفقر ، الفقر مرتبط بعائلات سعودية تمنعها العادات الاجتماعية من مد اليد للحصول على أبسط الأمور… لدينا فقراء لم تصلهم الجمعيات الخيرية ولم يصلهم ريال واحد من أثرياء يصرفون مئات الألوف على سفرة مجاملة لشخصية ما. الفقير هو من يستيقظ باكرا ويخرج من منزله ودمعته تسابق نظرته ، كيف يعود لمنزله وهل تساعده الظروف كي يأتي بدجاجة وكيلوا طماطم وخيشة بصل وحليب لأولاده . أعزائي ، الفقير يسكن بجوارنا وشيمته تقتله من مد يده للأخر يموت وهو مستور ويكتشف أبنائه بعد وفاته انه محمل بالديون لمحلات عديدة وهنا تبدأ رحلة البحث عن المصير المجهول من الأبناء الذين ذاقوا المرارة بحياة والدهم وبعد وفاته وهنا يقول فقير : كنت أذهب مع والدي ، وأتمنى أن يأتي يوم ويتوقف والدي أمام بقالة ليشتري لي بسكويت وعصير برتقال وعندما اطلب منه هذا الطلب ونحن في طريقنا للبيت يقول : من البقالة القادمة الى أن نصل المنزل وقد تبخر حلم البسكوت وعصير البرتقال وكبرت وعاشت معي هذه الامنية فحلفت على نفسي ان اسلك كل الطرق كي لايذوق اولادي ما ذقته من مرارة الحرمان في هذه الحياة . نمر أمام أحلامهم وأمالهم ولا يسعنى سوى القول الحمدلله على كل شيء..أحلام هذا الشاب البسيطة تختصر أحلام جميع الفقراء .. لا نتحدث عن حلم السيارة الفارهة أو المنزل الكبير فيلا سكنية ، بل سنتحدث عن تغيير ادوات دعم الجمعيات بأسلوب يناسب المجتمع ، نعم ، المجتمع يوجد به فقراء منعتهم عزتهم وشهامتهم من مد ايدهم للغير ، حلمهم مسكن امن وحياة بسيطة . يحلمون أن يتجاوزوا معضلات المجتمع والعادات ، حلم الفقير ان يخلف لاسرته منزلا ورصيد خالي من الديون ، ان يصرف له راتب تقاعد يساعده على مجابهة اعباء الحياة.. ان يتجاوز ابنائه حلم البسكويت وعصير البرتقال. = بقلم : الإعلامي علي أل منجم اليامي خاص بصيفة نجران نيوز الالكترونية =